responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 55


وحكى القرآن عن هؤلاء المنافقين أنهم اقتصروا في إظهار الإيمان على ذكر الإيمان باللَّه واليوم الآخر ، ليزيدوا في التمويه على المؤمنين بادعاء أنهم أحاطوا بالإيمان من طرفيه ، لأن من يؤمن باللَّه واليوم الآخر ، استجابة لدعوة الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فإن من شأنه أن يكون - أيضا - مؤمنا برسل اللَّه وملائكته وكتبه .
وقد كذبهم اللَّه - تعالى - في دعواهم الإيمان ، فقال :
* ( وما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) * .
فهذه الجملة الكريمة رد لما ادعوه من الإيمان ، ونفى له على أبلغ وجه ، إذ جاء النفي مؤكدا بالباء في قوله * ( بِمُؤْمِنِينَ ) * . ثم ان الجملة نفت عنهم الإيمان على سبيل الإطلاق ، فهم ليسوا بمؤمنين لا باللَّه ولا باليوم الآخر ، ولا بكتب اللَّه ولا برسله ولا بملائكته .
ثم بين - سبحانه - الدوافع التي دفعتهم إلى أن يقولوا * ( آمَنَّا بِاللَّه وبِالْيَوْمِ الآخِرِ وما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) * فقال :
* ( يُخادِعُونَ اللَّه والَّذِينَ آمَنُوا ) * .
والخدع في أصل اللغة : الإخفاء والإبهام ، يقال خدعه - كمنعه - خدعا ، ختله وأراد به مكروها من حيث لا يعلم وأصله من خدع الضب حارسه إذ أظهر الإقبال عليه ثم خرج من باب آخر .
وخداعهم للَّه - تعالى - معناه إظهارهم الإيمان وإبطانهم الكفر ليحقنوا دماءهم وأموالهم ، ويفوزوا بسهم من الغنائم ، وسمى فعلهم هذا خداعا للَّه - تعالى - لأن صورته صورة الخداع ، فالجملة الكريمة مسوقة على أسلوب المشاكلة ، ولا يجوز حملها على الحقيقة ، لأنه - سبحانه - لا يخفى عليه صنع المنافقين بل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء . قال - تعالى - إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّه وهُوَ خادِعُهُمْ .
أما خداعهم للمؤمنين فمن مظاهره إظهارهم لهم أنهم إخوانهم في العقيدة وأنهم لا يريدون لهم إلا الخير . بينما هم في الحقيقة يضمرون لهم العداوة ويتربصون بهم الدوائر .
وجاءت الآية الكريمة هكذا بدون عطف ، لأنها جواب سؤال نشأ من الآية السابقة ، إذ أن قول المنافقين « آمنا » وما هم بمؤمنين ، يثير في نفس السامعين استفهاما عما يدعو هؤلاء لمثل تلك الحال المضطربة والحياة القلقة المقامة على الكذب ، فكان الجواب : إنهم يفعلون ذلك محاولين مخادعة المؤمنين ، جهلا منهم بصفات خالقهم .

55

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست