responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 501


لأجله أى : لا تجعلوا الحلف باللَّه سببا في الامتناع عن عمل البر والتقوى والإصلاح بين الناس .
والمعنى على أن عرضة بمعنى النصبة التي تتعرض للسهام : لا تجعلوا - أيها المؤمنون - اسم اللَّه - تعالى - هدفا لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به في كل حق وباطل ، وذلك لأجل البر والتقوى والإصلاح بين الناس ، فإن من شأن الذي يكثر الحلف أن تقل ثقة الناس به وبإيمانه ، وقد ذم اللَّه - تعالى - من يكثر الحلف بقوله ولا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ وأمر بحفظ الأيمان فقال : واحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ .
قال الإمام الرازي : والحكمة في الأمر بتقليل الأيمان ، أن من حلف في كل قليل وكثير باللَّه انطلق لسانه بذلك ، ولا يبقى لليمين في قلبه وقع ، فلا يؤمن إقدامه على اليمين الكاذبة ، فيختل ما هو الغرض الأصلى في اليمين ، وأيضا كلما كان الإنسان أكثر تعظيما للَّه . كان أكمل في العبودية ، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر اللَّه - تعالى - أجل وأعلا عنده من أن يستشهد به في غرض دنيوى ، وأما قوله بعد ذلك * ( أَنْ تَبَرُّوا ) * فهو علة لهذا النهى . أى : إرادة أن تبروا والمعنى إنما نهيتم عن هذا - أى عن الإكثار من الحلف - لما أن توقى ذلك من البر والتقوى والإصلاح ، فتكونون يا معشر المؤمنين بسبب عدم إكثاركم من الأيمان - بررة أتقياء مصلحين » « 1 » .
وهذا الوجه أيضا استحسنه كثير من العلماء ، ولا تنافى بينهما لأن اللَّه - تعالى - ينهانا عن أن نجعل القسم به مانعا من فعل الخير ، كما ينهانا في الوقت نفسه عن أن نكثر من الحلف به في عظيم الأمور وحقيرها .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( واللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) * أى : سميع لأقوالكم وأيمانكم عند النطق بها عليم بأحوالكم ونياتكم فحافظوا على ما أمركم به ، وانتهوا عما نهاكم لتنالوا رضاه ومثوبته .
وقوله - تعالى - : * ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ) * استئناف بيانى ، لأن الآية السابقة لما أفادت النهى عن التسرع في الحلف ، أو عن اتخاذ الأيمان حاجزا عن عمل الخير ، كانت نفوس السامعين مشوقة إلى حكم اليمين التي تجرى على الألسنة بدون قصد .
والمؤاخذة : مفاعلة من الأخذ بمعنى المحاسبة أو المعاقبة أو الإلزام بالوفاء بها .
واللغو من الكلام : الساقط الذي لا يعتد به ولا يصدر عن فكر وروية مصدر لغا يلغو ويلغى .


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 6 ص 80 .

501

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست