responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 46


أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي ، ورجل مملوك أدى حق اللَّه وحق مواليه ، ورجل أدب جاريته فأحسن تأديبها ، ثم أعتقها .
ثم وصف اللَّه المتقين بوصف خامس فقال : * ( وبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) * الآخرة تأنيث الآخر .
وهذا اللفظ تارة يجيء وصفا ليوم القيامة مع ذكر الموصوف ، كما في قوله - تعالى - « وللدار الآخرة خير للذين يتقون » وتارة بهذا المعنى ولكن بدون ذكر الموصوف ، كما في الآية التي معنا ، وكما في قوله - تعالى - ولَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وأَكْبَرُ تَفْضِيلًا .
وسميت آخرة لأنها تأتى بعد الدنيا التي هي الدار الأولى .
و * ( يُوقِنُونَ ) * من الإيقان وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ، بحيث لا يطرأ عليه شك ، ولا تحوم حوله شبهة . يقال يقن الماء إذا سكن وظهر ما تحته ، ويقال : يقنت - بالكسر - يقنا ، وأيقنت ، وتيقنت ، واستيقنت بمعنى واحد .
والمعنى : وبالدار الآخرة وما فيها من بعث وحساب وثواب وعقاب هم يوقنون إيقانا قطعيا ، لا أثر فيه للادعاءات الكاذبة ، والأوهام الباطلة .
وفي إيراد « هم » قبل قوله « يوقنون » تعريض ، بغيرهم ، ممن كان اعتقادهم في أمر الآخرة غير مطابق للحقيقة أو غير بالغ مرتبة اليقين .
ولا شك أن الإيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب ، له أثر عظيم في فعل الخيرات ، واجتناب المنكرات ، لأن من أدرك أن هناك يوما سيحاسب فيه على عمله ، فإنه من شأنه أن يسلك الطريق القويم الذي يكسبه رضي اللَّه يوم يلقاه .
قال أبو حيان : وذكر لفظة * ( هُمْ ) * في قوله : * ( وبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) * ولم يذكرها في قوله :
* ( ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) * لأن وصف إيقانهم بالآخرة أعلى من وصفهم بالإنفاق فاحتاج هذا إلى التوكيد ولم يحتج ذلك إلى تأكيد ولأنه لو ذكر هم هناك لكان فيه قلق لفظي ، إذ يكون التركيب « ومما رزقناهم هم ينفقون » « 1 » .
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الثمار التي ترتبت على تقواهم فقال :
* ( أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ ، وأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) * .
المفلحون : من الفلاح وهو الظفر والفوز بدرك البغية ، وأصله من الفلح - بسكون اللام - وهو الشق والقطع ، ومنه فلاحة الأرض وهو شقها للحرث . وأستعمل منه الفلاح في الفوز ، كأن الفائز شق طريقه وفلحه للوصول إلى مبتغاه ، أو انفتحت له طريق الظفر وانشقت .


( 1 ) تفسير البحر المحيط لأبى حيان ج 1 ص 42 .

46

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست