نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 433
هدايته السابقة منه - تعالى - لكم « 1 » . و * ( أَنْ ) * في قوله : * ( وإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِه لَمِنَ الضَّالِّينَ ) * هي المخففة من الثقيلة والضمير في * ( مِنْ قَبْلِه ) * يعود إلى الهدى المأخوذ من ما المصدرية وما دخلت عليه والمراد بالضلال هنا : الجهل بالإيمان وبالتكاليف التي كلف اللَّه بها عباده . أى : اذكروا اللَّه - تعالى - ذكرا مشابها لهدايته لكم ، وإنكم لو لا هذه الهداية لبقيتم على ضلالكم وجهلكم بالدين الحق ، ولكن اللَّه - تعالى - من عليكم بهذه الهداية فأكثروا من ذكره وشكره عليها . وبعد أن تحدث - سبحانه - عن الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة وأمر بالإكثار من ذكره ، عقب ذلك ببيان الطريقة المثلى للإفاضة فقال : * ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ واسْتَغْفِرُوا اللَّه إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ) * : أى : أفيضوا من عرفة لا من المزدلفة . وهناك قولان في المخاطب بهذه الآية . أحدهما : أن الخطاب فيها لقريش وحلفائها ، وذلك لأنهم كانوا يترفعون على الناس ، فلا يقفون معهم على عرفات ، وإنما يقفون وحدهم بالمزدلفة ، وكانوا يقولون : نحن قطين اللَّه - أى سكان حرمه فينبغي لنا أن نعظم الحرم - وهو المزدلفة - ولا نعظم شيئا من الحل - وهو عرفات - . روى البخاري عن عائشة - رضي اللَّه عنها - قالت ، كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ، وكانوا يسمون الحمس ، وكان سائر العرب يقفون بعرفات ، فلما جاء الإسلام أمر اللَّه - نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يأتى عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله : * ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) * . والمعنى : أفيضوا يا معشر قريش من المكان الذي يفيض منه الناس وهو عرفة ، واتركوا ما تفعلونه من الإفاضة من المزدلفة ، فالمقصود إبطال ما كانت تفعله قريش . والثاني : أن الخطاب في الآية لجميع الناس ، أمرهم اللَّه - تعالى - فيه أن يفيضوا من حيث أفاض الناس . والمراد بالناس في الآية إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - فإن سنتهما كانت الإفاضة من عرفة لا من المزدلفة .
( 1 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 88 .
433
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 433