responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 316


وخامسها : أن من المنافقين من أظهر متابعة الرسول طمعا في المال وسعة الرزق ، فإذا اختبره - سبحانه - بنزول هذه المحن ، فعند ذلك يتميز المنافق عن الموافق .
وسادسها : أن إخلاص الإنسان حالة البلاء ورجوعه إلى باب اللَّه - تعالى - أكثر من إخلاصه حال إقبال الدنيا عليه . فكانت الحكمة في هذا الابتلاء ذلك « 1 » .
ثم بعد أن بين - سبحانه - مواطن تضطرب فيها النفوس أردف ذلك يذكر عاقبة الصبر ، وجزائه الأسنى ، فقال : * ( وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ ) * .
الخطاب في قوله : * ( وبَشِّرِ ) * للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أو لكل من تتأتى منه البشارة . والجملة عطف على « لنبلونكم » عطف المضمون على المضمون أى : الابتلاء حاصل لكم وكذا البشارة لكن لمن صبر .
والمصيبة اسم فاعل من الإصابة ، والمراد بها الآلام الداخلة على النفس بسبب ما ينالها من الشدائد والمحن .
و * ( راجِعُونَ ) * من الرجوع بمعنى مصير الشيء إلى ما كان عليه ، يقال : رجعت الدار إلى فلان إذا ملكها مرة ثانية ، وهو نظير العود والمصير .
والمعنى : وبشر يا محمد بالرحمة العظيمة والإحسان الجزيل ، أولئك الصابرين الذين من صفاتهم أنهم إذا نزلت بهم مصيبة ، في أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم ، أو غير ذلك ، قالوا :
بألسنتهم وقلوبهم على سبيل التسليم المطلق لقضاء اللَّه والرضا بقدره * ( إِنَّا لِلَّه ) * أى : إنا للَّه ملكا وعبودية ، والمالك يتصرف في ملكه ويقلبه من حال إلى حال كيف يشاء ، « وإنا إليه راجعون » أى : وإنا إليه صائرون يوم القيامة فيجازينا على ما أمرنا به من الصبر والتسليم لقضائه عند نزول الشدائد التي ليس في استطاعتنا دفعها .
فقولهم : * ( إِنَّا لِلَّه ) * إقرار بالعبودية والملكية للَّه رب العالمين . وقولهم « وإنا إليه راجعون » إقرار بصحة البعث والحساب والثواب والعقاب يوم القيامة .
وليست هذه البشارة موجهة إلى الذين يقولون بألسنتهم هذا القول مع الجزع وعدم الرضا بالقضاء والقدر ، وإنما هذه البشارة موجهة إلى الذين يتلقون المصائب بالسكينة والتسليم لقضاء اللَّه لأول حلولها ، يشير إلى هذا قوله - تعالى - : * ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا ) * فإنه يدل على أنهم يقولون ذلك وقت الإصابة « ويصرح بهذا قوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم » الصبر عند الصدمة الأولى « .


( 1 ) تفسير الرازي ج 4 ص 168 طبعة عبد الرحمن محمد .

316

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست