responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 312


ولعل مما يشهد بأفضلية هذه الأمة على غيرها من الأمم ، أن اللَّه - تعالى - قد أمر بنى إسرائيل في السورة نفسها بالاستعانة بالصبر والصلاة فقال : واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ إلا أنه - سبحانه - قال لهم : وإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ ليشعرهم بضعف عزائمهم عن عظائم الأعمال ، ولم يقل - سبحانه - للمؤمنين ذلك في الآية التي معنا ، للإيماء إلى أنهم قد يسر لهم ما يصعب على غيرهم ، وأنهم هم الخاشعون الذين استثناهم اللَّه هنالك .
وقوله - تعالى - : * ( إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ ) * بيان لحكمة الاستعانة بالصبر وهو الفوز والنصر . أى : إن اللَّه مع الصابرين بمعونته ونصره ، وتوفيقه وتسديده فهي معية خاصة ، وإلا فهو - سبحانه - مع جميع خلقه بعلمه وقدرته .
وقال - سبحانه - : * ( إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ ) * ولم يقل « مع المصلين » لأن الصلاة المستوفية لأركانها وسننها وخشوعها لا تتم إلا بالصبر ، فالمصلون بحق داخلون في قوله - تعالى - : * ( إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ ) * .
ولم يقل « معكم » ليفيد أن معونته إنما تمدهم إذا صار الصبر وصفا لازما لهم .
قال الأستاذ الإمام : إن من سنة اللَّه : - تعالى - أن الأعمال العظيمة لا تتم ولا ينجح صاحبها إلا بالثبات والاستمرار ، وهذا إنما يكون بالصبر ، فمن صبر فهو على سنة اللَّه واللَّه معه ، لأنه - سبحانه - جعل هذا الصبر سببا للظفر ، إذ هو يولد الثبات والاستمرار الذي هو شرط النجاح ، ومن لم يصبر فليس اللَّه معه ، لأنه تنكب سنته ، ولن يثبت فيبلغ غايته « 1 » .
ثم نهى - سبحانه - المؤمنين عن أن يقولوا للشهداء أمواتا فقال : * ( ولا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّه أَمْواتٌ . بَلْ أَحْياءٌ ولكِنْ لا تَشْعُرُونَ ) * .
قال ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - : نزلت هذه الآية في قتلى غزوة بدر ، قتل من المسلمين فيها أربعة عشر رجلا : ست من المهاجرين وثمانية من الأنصار وكان الناس يقولون . مات فلان ومات فلان . فنهى اللَّه - تعالى - أن يقال فيهم : إنهم ماتوا .
وقيل إن الكفار والمنافقين قالوا : إن الناس يقتلون أنفسهم طلبا لمرضاة محمد من غير فائدة ، فنزلت هذه الآية « 2 » .
والسبيل : الطريق وسبيل اللَّه : طريق مرضاته ، وإنما قيل للجهاد سبيل اللَّه ، لأنه طريق إلى ثواب اللَّه وإعلاء كلمته . و « أموات » مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى : لا تقولوا هم


( 1 ) تفسير المنار ج 2 ص 37 . ( 2 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 123 .

312

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست