نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 262
والمعنى : لا تذهب نفسك عليهم حسرات يا محمد ، فإن وظيفتك أن تبشر وتنذر ولست بعد ذلك مؤاخذا ببقاء الكافرين على كفرهم ، ولست مسئولا عن عدم اهتدائهم فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وعَلَيْنَا الْحِسابُ . وفي وصفهم بأنهم أصحاب الجحيم ، إشعار بأنهم قد طبع على قلوبهم ، فصاروا لا يرجى منها الرجوع عن الكفر . وفي هذه الجملة مع قوله : « بشيرا ونذيرا » تسلية للرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حيث لم يؤمن به أولئك الجاحدون المتعنتون . ثم بين القرآن موقف أهل الكتاب من الدعوة الإسلامية فقال : * ( ولَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ ولَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) * . الملة : الطريقة المسلوكة ، ثم جعلت اسما لما شرعه اللَّه لعباده على لسان نبيه ليتوصلوا إلى السعادة الدائمة ، وقد تطلق على ما ليس حقا من الأديان المنحرفة أو الباطلة ، كما حكى القرآن عن يوسف عليه السلام - أنه قال : إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّه وهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ . وأفرد القرآن الملة فقال - تعالى - ملتهم - « مع أن لكل من اليهود والنصارى ملة خاصة ، لأن الملتين بالنظر إلى مخالفتهما لدين الإسلام وما طرأ عليهما من التحريف بمنزلة واحدة ، فاتباع إحداهما كاتباع الأخرى في قلة الانتفاع به . ومعنى الغاية في قوله : « حتى تتبع ملتهم الكناية عن اليأس من اتباع أهل الكتاب لشريعة الإسلام ، لأنهم لما كانوا لا يرضون إلا باتباعه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ملتهم وكان اتباع النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لملتهم مستحيلا ، فقد صار رضاهم عنه كذلك مستحيلا ، فالجملة الكريمة مبالغة في الإقناط من إسلامهم ، وتنبيه على أنه لا يرضيهم إلا ما لا يجوز وقوعه منه . ثم لقن اللَّه - تعالى - نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الجواب فقال : * ( قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّه هُوَ الْهُدى ) * . وهدى اللَّه : دينه والهدى ، بمعنى الهادي إلى طريق الفلاح في الدنيا والآخرة . أى : ما أنت عليه يا محمد من هدى اللَّه الحق الذي يضعه في قلب من يشاء هو الهدى الحقيقي لا ما يدعيه هؤلاء من الأهواء . وإيراد الهدى معرفا بأل مع اقترانه بضمير الفصل « هو » يفيد قصر الهداية على دين اللَّه ، وينفى أن يكون في دين غير دين اللَّه هدى . وإذا كانت الهداية مقصورة على الدين الذي جاء به محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فكيف يطمع أهل الكتاب في أن يتبع ملتهم ؟
262
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 262