نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 247
وفي إعادة ذكر اسم الجلالة في هذه الجملة مع تقدم ذكره في قوله : * ( تَجِدُوه عِنْدَ اللَّه ) * إشعار باستقلال هذه الجملة ، وبشدة الاهتمام بالمعنى الذي تضمنته . كذلك من فوائد إظهار اسم الجلالة في مقام يجوز فيه الإضمار ، أن تكون الجملة كحكمة تقال عند كل مناسبة ، بخلاف ما لو أتى بدل الاسم الظاهر بالضمير فإن إلقاءه عند المناسبة يستدعى أن تذكر الجملة السابقة معها حتى يعرف المراد من الضمير . ثم حكى القرآن لونا من ألوان المزاعم الباطلة التي درج عليها أهل الكتاب ، ورد عليها بما يبطلها فقال : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 111 الى 112 ] وقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ( 111 ) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَه لِلَّه وهُوَ مُحْسِنٌ فَلَه أَجْرُه عِنْدَ رَبِّه ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 112 ) الضمير في « قالوا » يعود على أهل الكتاب من الفريقين . والهود : جمع هائد أى متبع اليهودية وقدمهم القرآن الكريم على النصارى لتقدمهم في الزمان . والمعنى : وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، وقالت النصارى لن يدخلها إلا من كان نصرانيا ، إلا أن الآية الكريمة سلكت في طريق الإخبار عما زعموه مسلك الإيجاز ، فحكت القولين في جملة واحدة ، وعطفت أحد الفريقين على الآخر بحرف « أو » ثقة بفهم السامع ، وأمنا من اللبس ، لما عرف من التعادي بين الفريقين ، وتضليل كل واحد منهما لصاحبه ، ونظير هذه الآية قوله تعالى حكاية عنهم وقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا أى : قالت اليهود : كونوا هودا تهتدوا ، وقالت النصارى : كونوا نصارى تهتدوا . ولذا قال الإمام ابن جرير : « فإن قال قائل : وكيف جمع اليهود والنصارى في هذا الخبر مع اختلاف مقالة الفريقين ، واليهود تدفع النصارى عن أن يكون لها في ثواب اللَّه نصيب ، والنصارى تدفع اليهود عن مثل ذلك ؟ قيل : إن معنى ذلك بخلاف الذي ذهبت إليه ، وإنما عنى به وقالت اليهود : لن يدخل الجنة
247
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 247