responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 182


ومنافقيهم فقال تعالى : * ( ومِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) * « 1 » أى : ومن اليهود قوم أميون لا يحسنون الكتابة ، ولا يعلمون من كتابهم التوراة سوى أكاذيب اختلقها لهم علماؤهم أو أمنيات باطلة يقدرونها في أنفسهم بدون حق ، أو قراءات عارية عن التدبر والفهم ، وقصارى أمرهم الظن من غير أن يصلوا إلى مرتبة اليقين المبنى على البرهان القاطع والدليل الساطع .
فالآية الكريمة فيها زيادة تيئيس للمؤمنين من إيمان كافة اليهود بفرقهم المختلفة . فإنهم قد وصلوا إلى حال من الشناعة لا مطمع معها في هداية ، فعلماؤهم محرفون لكتاب اللَّه على حسب أهوائهم وشهواتهم ، وعوامهم لا يعرفون من كتابهم إلا الأكاذيب والأوهام التي وضعها لهم أحبارهم ، وأمة هذا شأن علمائها وعوامها لا ينتظر منها أن تستجيب للحق أو أن تقبل على الصراط المستقيم .
و ( الأمانى ) - بالتشديد - جمع أمنية ، مأخوذة من تمنى الشيء أى : أحب أن يحصل عليه ، أو من تمنى إذا كذب ، أو من تمنى الكتاب أى قرأه .
فإن فسرنا الأمانى بالأول كان قوله تعالى : * ( إِلَّا أَمانِيَّ ) * معناه : إلا ما هم عليه من أمانيهم في أن اللَّه لا يؤاخذهم بخطاياهم ، وأن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم ، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات .
وإن فسرناها بالكذب ، كان قوله تعالى : * ( إِلَّا أَمانِيَّ ) * معناه : إلا ما يقرؤنه من قراءات خالية من التدبر ، وعارية عن الفهم . من قوله تمنى كتاب اللَّه أول ليلة . . . أى قرأ .
هذا ، وقد رجح ابن جرير تفسير ( الأمانى ) بالأكاذيب فقال : ما ملخصه « وأولى ما روينا في تأويل قوله تعالى : * ( إِلَّا أَمانِيَّ ) * بالصواب ، أن هؤلاء الأميين لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله اللَّه على موسى شيئا ، ولكنهم يتخرصون الكذب ، ويتقولون الأباطيل كذبا وزورا ، والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله بدليل قوله تعالى بعد * ( وإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) * فأخبر عنهم أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب ظنا منهم لا يقينا » « 2 » .
والذي نراه أن المعاني الثلاثة للأمانى تنطبق على اليهود ، وكلها حصلت منهم وما دام


( 1 ) الأميون جمع أمى ، وهو الذي لا يحسن الكتابة والقراءة . ( 2 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 275 .

182

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست