responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 180


وقوله تعالى : * ( ثُمَّ يُحَرِّفُونَه مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوه وهُمْ يَعْلَمُونَ ) * زيادة تشنيع عليهم ، حيث إنهم حرفوا كلام اللَّه بعد فهمهم له عن تعمد وسوء نية ، وارتكبوا هذا الفعل الشنيع ، رغم علمهم بما يستحقه مرتكبه من عقوبة دنيوية وأخروية .
ففي هذين القيدين من النعي عليهم ما لا مزيد عليه ، حيث أبطل بهما عذر الجهل والنسيان ، وسجل عليهم تعمد الفسوق والعصيان .
وإنما كان قيام الفريق من أحبار اليهود بتحريف الكتاب سببا في اليأس من إيمان عامتهم ، لأن هؤلاء العامة المقلدون ، قد تلقوا دينهم عن قوم فاسقين ، دون أن يلتفتوا إلى الحق ، أو يتجهوا إلى النظر في الأدلة الموصلة إليه ، وأمثال هؤلاء الذين شبوا على عماية التقليد ، وغواية الشيطان ، لا يرجى منهم الوصول إلى نور الحق ، وجلال الصدق ، ولأن أمة بلغ الحال بعلمائها - وهم مظهر محامدهم - أن يجرؤوا على كلام اللَّه فيحرفوه لا تنتظر من دهمائها أن يكونوا خيرا منهم حالا أو أسعد مآلا .
ثم أخبر القرآن الكريم عن بعضهم ، بأنهم قد ضموا إلى رذيلة التحريف رذيلة النفاق والتدليس فقال تعالى : * ( وإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا : أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّه عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِه عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ . أَولا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ ) * .
والمعنى : وإذا ما تلاقى المنافقون من اليهود مع المؤمنين ، قالوا لهم نفاقا وخداعا . صدقنا أن ما أنتم عليه هو الحق . وأن محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم رسول من عند اللَّه ، وإذا ما انفرد بعض اليهود ببعض قال الذين لم ينافقوا لإخوانهم الذين نافقوا معاتبين : أتخبرون المؤمنين بما بينه اللَّه لكم في كتابكم مما يشهد بحقية ما هم عليه ، لتكون لهم الحجة عليكم يوم القيامة ، أفلا تعقلون أن هذا التحديث يقيم الحجة لهم عليكم ؟
فالآية الكريمة فيها بيان لنوع آخر من مساوئ اليهود ومخازيهم التي تدعو إلى اليأس من إيمانهم وتكشف النقاب عما كانوا يضمرونه من تدليس « 1 » .
قال الإمام الرازي : « وإنما عذلوهم على ذلك لأن اليهودي إذا اعترف بصحة التوراة ، واعترف بشهادتها على صدق النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كانت الحجة قوية عليه ، فلا جرم كان بعضهم يمنع بعضا من الاعتراف بذلك أمام المؤمنين » « 2 » .


( 1 ) والضمير في ( قالوا ) الأولى يعود إلى فريق اليهود الذين أظهروا الإسلام نفاقا ، وفي ( قالوا ) الثانية يعود إلى فريق اليهود الذين بقوا على يهوديتهم ، والذين كانوا يلومون من نافقوا منهم لتحديثه المؤمنين بما يشهد بصدق محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . ( 2 ) تفسير الرازي ج 1 ص 400 .

180

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست