نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 167
* ( قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَه عَلَيْنا . وإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّه لَمُهْتَدُونَ . قالَ إِنَّه يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ ، تُثِيرُ الأَرْضَ ولا تَسْقِي الْحَرْثَ ، مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها : قالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وما كادُوا يَفْعَلُونَ ) * . ومعنى الآيتين الكريمتين : قال بنو إسرائيل لموسى بعد أن عرفوا سن البقرة ولونها : سل من أجلنا ربك أن يزيدنا إيضاحا لحال البقرة التي أمرنا بذبحها . حيث إن البقر الموصوف بالوصفين السابقين كثير ، فاشتبه علينا أيها نذبح ، وإنا إن شاء اللَّه بعد هذا البيان منك لمهتدون إليها ، ومنفذون لما تكلفنا به ، فأجابهم موسى بقوله : « إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث ، مسلمة لا شية فيها » أى قال إنه - سبحانه - يقول : أنها بقرة سائمة ليست مذللة بالعمل في الحراثة ولا في السقي ، وهي بعد ذلك سليمة من كل عيب ، ليس فيها لون يخالف لونها الذي هو الصفرة الفاقعة ، فلما وجدوا أن جميع مشخصاتها ومميزاتها قد اكتملت * ( قالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ) * الواضح ، ولم يبق إشكال في أمرها ، وبحثوا عنها ، وحصلوها * ( فَذَبَحُوها وما كادُوا يَفْعَلُونَ ) * لكثرة أسئلتهم وترددهم . فقوله - تعالى - : * ( قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ) * حكاية لسؤالهم الثالث الذي وجهوه إلى نبيهم - عليه السلام - ليزدادوا معرفة بحال البقرة وصفتها من حيث نفاستها ، بعد أن عرفوا سنها ولونها . فكأنهم يقولون له : إن في أجوبتك السابقة عنها تقصيرا يشق معه تمييزها ، فسل من أجلنا ربك ليزيدنا بيانا لحالها ، وكأنما أحسوا بأنهم قد أثقلوا عليه وتجاوزوا الحدود المعقولة في الطلب ، فعللوا ذلك بقولهم . * ( إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَه عَلَيْنا ) * أى : لا تتضايق من كثرة أسئلتنا ، فإن لنا عذرنا في هذا التكرار . لأن البقر الموصوف بالعوان وبالصفرة الفاقعة كثير ، فاشتبه علينا أمر تلك البقرة التي تريدنا أن نذبحها . قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : « وإنما لم يعتذروا في المرتين الأوليين واعتذروا في الثالثة ، لأن للثلاثة في التكرير وقعا من النفس في التأكيد والسآمة وغير ذلك ، ولذا كثر في أحوال البشر وشرائعهم التوقيت بالثلاثة » « 1 » . وقولهم : * ( وإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّه لَمُهْتَدُونَ ) * حض لنبيهم موسى - عليه السلام - على الدعاء ، ووعد له بالطاعة والامتثال ، ودفع للسآمة عن نفسه من كثرة أسئلتهم ، وتبرير لمسلكهم في كثرة المراجعة حتى يتفادوا غضبه ، فكأنهم يقولون له :
( 1 ) تفسير التحرير والتنوير ج 1 ص 533 .
167
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 167