responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 104


ونفى الخوف والحزن عن المهتدين يوم القيامة كناية عن سلامتهم من العذاب وفوزهم بالنعيم الخالد في الجنة ، فتمت المقابلة بين جزاء المهتدين وجزاء الكافرين المشار إليه بقوله - تعالى - :
* ( والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) * .
إذ هذه الآية الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - * ( فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ ) * . إلخ ، وواردة مورد المقابل له في تفصيل أحوال من يأتيهم الهدى من اللَّه .
ولم يقل : والذين لم يتبعوا هداي أولئك أصحاب النار . . وإنما قال : * ( والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ . . ) * إلخ ، وذلك لأن من لم يتبع هدى اللَّه يشمل من لم تبلغه الدعوة ، وغير المكلفين مثل الصبيان وفاقدى العقل ، وهؤلاء ليسوا من أصحاب النار . فظهر أن قوله :
* ( والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا . . ) * جيء به على قدر من يستحقون الحكم عليهم بأنهم من أصحاب النار والمجازاة بالعذاب الخالد الأليم .
والآيات : جمع آية ، وهي في الأصل العلامة ، وتستعمل في الطائفة من الكتاب المنزل ، وفيما يستدل به على وجود اللَّه وتوحيده ، من نحو بدائع مصنوعاته ومظاهر عنايته بالإنسان .
وأضاف - سبحانه - الآيات إلى نفسه فقال : * ( بِآياتِنا ) * ليكون قبح التكذيب بها أظهر ، وأتى بنون العظمة فقال ( بآياتنا ) دون أن يقول « بآياتى » لبعث المهابة في نفوس السامعين ، وذلك أدعى إلى تلقى الوعيد باهتمام وخشية .
وأصحاب : جمع صاحب مأخوذ من الصحبة ، وهي الاقتران والملازمة ، ودل بقوله : * ( هُمْ فِيها خالِدُونَ ) * على أن صحبتهم للنار دائمة ، وليست من الصحبة التي تستمر مدة ثم تنقطع .
هذا جانب من قصة آدم كما حكاه القرآن في هذه السورة ، ومن الحكم التي تؤخذ منها : أن سياسة الأمم على الطريقة المثلى إنما تقوم على أساس راسخ من العلم ، وأن فضل العلم النافع فوق فضل العبادة ، وأن روح الشر الخبيثة إذا طغت على نفس من النفوس ، جعلتها لا ترى البراهين الساطعة ، ولا يوجهها إلى الخير وعد ، ولا يردعها عن الشر وعيد .
كما يستفاد منها كيف أن الرئيس يفسح المجال لمرؤسيه المخلصين ، يجادلونه في أمر يريد قضاءه ، ولا يزيد عن أن يبين لهم وجهة نظره في رفق ، وإذا تجاوزوا حدود الأدب اللائق به راعى في عتابهم ما عرفه فيهم من سلامة القلب ، وتلقى أوامره بحسن الطاعة .
كما يؤخذ منها أن المتقلب في نعمة يجب أن يحافظ عليها بشكر اللَّه ، ولا يعمل عملا فيه مخالفة لأوامر اللَّه لأن مخالفة أوامر اللَّه ، كثيرا ما تؤدى إلى زوال تلك النعمة ، ومن أراد أن تزداد النعم بين يديه ، فعليه أن يلتزم طاعة اللَّه وشكره .

104

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست