نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 559
وقد ذكرت بعض الروايات [1] أنها وسورة الضحى سورة واحدة وأن طاوسا وعمر بن عبد العزيز من التابعين كانا يتلوانهما معا بدون فصل بالبسملة . غير أن المتواتر المتصل بمصحف عثمان رضي اللَّه عنه الذي هو على ترتيب المصحف الذي كتب في خلافة أبي بكر رضي اللَّه عنه ، والذي نعتقد أنه الترتيب المأثور عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنهما سورتان تفصل بينهما بسملة . والمتبادر أن التماثل والتعاقب بين السورتين مما جعل بعض التابعين إذا صحت الرواية يقولان إنهما سورة واحدة . وهذا التماثل والتعاقب يلهمان أن هذه السورة بمثابة استمرار لسابقتها ظرفا وسياقا وموضوعا ، أو أنها نزلت في ظرف أزمة نفسية ثانية ، ألمت بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد أزمة فترة الوحي مما كان يلاقيه من قومه من عناء وعسر . وأسلوبها أسلوب تطميني محبب . فاللَّه الذي شرح صدره وخفف الوزر الذي كان شديدا عليه ورفع ذكره مما هو معترف به منه ، لا يمكن أن يدعه وشأنه ، ولا أن يجعل عسره مستمرّا ، وعليه أن يتجلد ويصبر ، فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا . والمتبادر أن شرح الصدر قد قصد به ما أنعم اللَّه على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من الهدى واليقين . وأن وضع الوزر قد قصد به إنقاذه من دور حيرته النفسية ، وأن رفع الذكر قد قصد به ما كان من اختصاصه بالنبوة العظمى . وفي التوكيد مرتين بأنه سيكون مع العسر يسرا ما يدل على أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يلقى صدا وعسرا شديدين ، وأنه كان يعتلج في نفسه بسبب ذلك همّ وغمّ وقلق . وفيه بشرى وتطمين بأن الأمر سينتهي إلى اليسر والنجاح . ومثل هذه البشرى قد جاءت في السورة السابقة بأسلوب الوعد بأن اللَّه سوف يعطيه حتى يرضى ، وأن النهاية ستكون خيرا من البداية . ومما لا شك فيه أنه كان لهذا التوكيد وكذلك للأمر بالاتجاه في الفراغ والخلوات حالما يفرغ من عمله اليومي أثر في استشعار النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بالسكينة وقوة
[1] انظر تفسير السورة في تفسير النيسابوري « غرائب القرآن » .
559
نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 559