نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 535
وأنها وصلت إليهم منقولة من جيل إلى جيل . وفي سورة العنكبوت آية قد يكون فيها دليل على أن من سامعي القرآن من زار مساكن عاد وثمود ورأى أطلالها وخرائبها وسمع أن اللَّه تعالى قد دمرها بعذابه بسبب تكذيب أهليها لرسوليهم هود وصالح عليهما السلام وهي هذه : وعاداً وثَمُودَ وقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ‹ 38 › وبلاد عاد هي في جنوب اليمن مما يعرف اليوم ببلاد حضرموت وبلاد ثمود هي في شمال الجزيرة العربية وعلى طريق بلاد الشام مما يعرف اليوم ببلاد مداين صالح . وكانت القوافل الحجازية التجارية تمرّ بمداين صالح في طريقها إلى بلاد الشام ومصر كما كانت تصل إلى بلاد حضرموت في رحلتها الشتوية إلى اليمن . ولقد تكررت قصص فرعون وثمود وعاد في القرآن مرارا ، مسهبة حينا ومقتضبة حينا حسب حكمة التنزيل بسبب تكرر المناسبات والمواقف على ما شرحناه في سورة القلم . وفي القصص الواردة في السور الأخرى بيانات كثيرة عنهم وعن أنبيائهم ومواقفهم منهم ونكال اللَّه عليهم . وفي كتب التفسير بيانات كثيرة على هامشها أيضا معزوة إلى علماء الصدر الإسلامي الأول حيث يفيد هذا أن الحديث في هذه القصص مما كان يجري في بيئة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وعصره متصلا بالأجيال السابقة . ومما يؤيد القول بمعرفة أهل هذه البيئة والعصر أشياء كثيرة منها . ونكتفي الآن بما قلناه على أن نعلق بما يقتضي في المناسبات الآتية إن شاء اللَّه . والمتبادر أن ما احتوته الآيات هنا عنهم هو بسبيل التنويه بما كانوا عليه من قوة وبسطة ، وبسبيل تقرير أنهم لم يعجزوا اللَّه حينما طغوا وتجبروا فصبّ عليهم عذابه ونكّل بهم ، وبسبيل البرهنة على قدرته على كل من يسير في طريقهم من التجبر والطغيان والتمرد على اللَّه ، وكل هذا متصل بأهداف القصص القرآنية كما هو واضح .
535
نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 535