نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 395
وهدف الوحي بهذه القصص عن حسن نية . وليس من تعارض قط بين وحي ما اقتضت حكمة التنزيل إيحاءه منها بالأسلوب الذي أوحيت به وبين ما يمكن ويصح أن يكون النبي قد عرفه منها قبل نزولها . ولقد كان في بيئة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم تقاليد دينية واجتماعية متنوعة وكان يجري فيها أحداث متنوعة شاهد بعضها وسمع بعضها وعاش بعضها . ولقد ذكر في القرآن كثير من ذلك وليس أحد يدعي أو يمكن أن يدعي أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لم يكن يعرف ذلك قبل بعثته . وهذا وذاك من باب واحد . ويورد الذين يقولون ذلك القول بعض آيات وردت في سياق بعض القصص منها آية سورة هود هذه في سياق قصة نوح : تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ ولا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا [ 49 ] ، وآية سورة آل عمران هذه في سياق قصة مريم : ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيه إِلَيْكَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ‹ 44 › ، وآية سورة يوسف في سياق قصة يوسف وإخوته : ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيه إِلَيْكَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وهُمْ يَمْكُرُونَ ‹ 102 › . وقصتا نوح ويوسف وردتا متصلتين في سفر التكوين وبين ما ورد في هذا السفر وما ورد في القرآن تطابق كثير . وهذا السفر كان مما يتداوله الكتابيون . وكان العرب يعرفون قصة نوح واتخذوا أصنام قومه التي ذكرها اللَّه في سورة نوح أصناما لهم على ما سوف نشرحه في سياقها . فلا يصح أن يكون النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وقومه لم يعرفوا شيئا من هذه القصص الثلاث ، وليس من مناص إزاء الواقع من تخريج الآيات بما يزيل الإشكال ويتفق معه . وقد رأينا الخازن يعلق على آية هود فيقول : إن هذه القصة مشهورة وإنه ليس مما يحتمل أن لا تكون معروفة . وإنه يجب صرف الآية على محمل قصد عدم معرفة النبي وقومه بجميع تفصيلاتها ، وفي هذا التعليق وجاهة ظاهرة كما أنه لا معدى عنه أو عن ما يقاربه كصرف كلمة ( الغيب ) إلى معنى الزمن البعيد غير المشاهد أو الذي صار في طيات الدهر .
395
نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 395