نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 393
يوسف هذه : لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبابِ [ 111 ] . ولقد قلنا إن قصة يونس لم تكن غريبة عن سامعي القرآن ، وهذا يطَّرد في القصص القرآنية عامة على ما سوف نبينه في مناسباته . وآيات العنكبوت تنطوي على دليل قوي على ذلك إذا ما أنعم القارئ النظر فيها . وهناك آيات عديدة أخرى تفيد ذلك منها آية سورة الأنبياء هذه : بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراه بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ‹ 5 › ، وآية سورة القصص هذه : فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى [ 48 ] . حيث يمكن أن يقال إن حكمة اللَّه اقتضت أن تكون القصص معروفة من قبل السامعين جزئيا أو كليا لتكون العبرة والعظة والإلزام والإفحام أشد ، لأن الناس يتأثرون بالأمثال التي يعرفونها ، والأحداث التي يعلمون نبأها . ولقد سبق الآيات التي نحن في صددها آيات تنديدية وإنذارية ، كما لحقتها آيتان فيهما تنديد وتثبيت أيضا . وهذا مؤيد لكون الهدف هو التثبيت والتحذير . وقد جرى القرآن على هذا الأسلوب في معظم الفصول التي وردت فيها قصص الأنبياء ، بل إن هذا في هذه الفصول أوفى وأظهر ، مما هو مؤيد لفكرة الهدف من جهة ومظهر من مظاهر الانسجام في النظم القرآني من جهة ثانية ، ودليل على أن القصص القرآنية لم ترد لماهيتها التاريخية من جهة ثالثة . ولقد قلنا إن معظم قصص الأنبياء وأقوامهم قد تكررت في القرآن وتنوعت أساليبها ومنها ما تكرر مرارا عديدة ، وقد غمز المغرضون من المبشرين والمستشرقين القرآن بسبب ذلك وبسبب تكراره الفصول التدعيمية الأخرى كمشاهد الكون ومشاهد الآخرة والحجج والبراهين . وردا على ذلك نقول إن الفصول القصصية لم تكن للسرد التاريخي وإنما هي للوعظ والعبرة ولقد كانت اتصالات النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بمختلف طبقات الناس والمناسبات والأوقات مستمرة متجددة . وكانت متنوعة في ظروفها وأشخاصها . فمن الطبيعي أن تتماثل الفصول القرآنية التي كانت تتلى بوحي اللَّه على مختلف الطبقات وفي مختلف المناسبات والأوقات بسبيل
393
نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 393