نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 100
تستند إليها ، وتدلّ أو تقوم قرينة على أن القرآن كان يدوّن بانتظام ويحفظ بانتظام وإن آياته قد رتبت في السور وسوره قد رتبت في تسلسل في حياة النبي عليه السلام ، مما يعدّ جديدا في هذا الباب لم نطلع على مثله . فأولا إن في بعض السور آيات احتوت قرائن قوية على أن ما كان ينزل من القرآن كان يدوّن حال نزوله وأن مدوناته كانت تحفظ وتتلى على ملأ الناس : 1 - ففي سورة القيامة الآيات التالية : لا تُحَرِّكْ بِه لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِه ‹ 16 › إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَه وقُرْآنَه ‹ 17 › فَإِذا قَرَأْناه فَاتَّبِعْ قُرْآنَه ‹ 18 › ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَه . فهذه الآيات جاءت معترضة بين آيات متصل قبلها بما بعدها اتصال موضوع وخطاب ونظم ، في حين أنها غير متصلة بهذه الآيات موضوعا ولا خطابا ولا نظما كما يبدو حين قراءة السياق بطوله [1] . وقد روي بمناسبتها حديث يستفاد منه أنها نزلت على النبي لأنه كان حينما يتلقى وحي القرآن يحرك شفتيه بما ينزل على قلبه خشية نسيانه . ووجود هذه الآيات في موضعها يلهم بقوة أنها أوحيت إلى النبي في أثناء نزول الآيات التي قبلها والتي بعدها . ولا يصح فرض غير هذا فيما نعتقد لفهم حكمة وجودها في السياق ، ولا مناص من فرض ثان مع الفرض الأول وهو أن النبي أمر بتدوين آيات السورة فور وحيها ، وأملى على الكاتب هذه الآيات في سياق آيات السورة لأنها أوحيت إليه مع آيات السورة ، مع أنها كانت خطابا خاصا له وبقصد تعليمه كيفية تلقي الوحي فدونت كما جاءت . وفي هذه الآيات في موضعها ملهمات أخرى