نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 95
والثاني نطق بالتكذيب وتكلم به وهذا قول قوي كما ترى لكن ينبغي إفراغ هذه الألفاظ في قوالب هذا المعنى فإن لفظة يفجر إنما تدل على عمل الفجور لا على التكذيب وحذف الموصول مع ما جره وإبقاء الصلة خلاف الأصل فإن أصاب هذا القول قالوا تقديره ليكفر بما أمامه وهذا المعنى صحيح لكن دلالة هذا اللفظ عليه ليست بالبينة فالجواب أن الأمر كذلك لكن الفعل إذا ضمن معنى فعل آخر لم يلزم إعطاءه حكمه من جميع الوجوه بل من جلالة هذه اللغة العظيمة الشأن وجزالتها أن يذكر المتكلم فعلا وما يضمنه معنى فعل آخر ويجري على المضمن أحكامه لفظا وأحكام الفعل الآخر معنى فيكون في قوة ذكر الفعلين مع غاية الاختصار ومن تدبر هذا وجده كثيرا في كلام الله تعالى فلفظ يفجر اقتضت أمامه بلا واسطة حرف ولا اسم موصول فأعطيت ما اقتضته لفظا واقتضى ما تضمنه الفعل من ذكر الحرف والموصول فأعطيته معنى فهذا وجه هذا القول لفظا ومعنى والله أعلم ثم أخبر سبحانه عن حال هذا الانسان إذا شاهد اليوم الذي كذب به فقال ( فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) فبرق بصره أي يشخص يشاهده من العجائب التي كان يكذب بها وخسف القمر ذهب ضوؤه وانمحى وجمع الشمس والقمر ولم يجتمعا قبل ذلك بل يجمعهما الذي يجمع عظام الإنسان بعد ما فرقها البلى ومزقها ويجمع للإنسان يومئذ جميع عمله الذي قدمه وأخره من خير أو شر ويجمع ذلك من جمع القرآن في صدر رسوله ويجمع المؤمنين في دار الكرامة فيكرم وجوههم بالنظر إليه ويجمع المكذبين في دار الهوان وهو قادر على ذلك كله كما جمع خلق الانسان من نطفة من مني يمنى ثم جعله علقة مجتمعة الأجزاء بعد ما كانت نطفة متفرقة في جميع بدن الإنسان وكما يجمع بين الإنسان وملك الموت ويجمع بين الساق والساق إما ساق الميت أو ساق من يجهز بدنه من البشر ومن يجهز روحه من الملائكة أو يجمع عليه شدائد الدنيا والآخرة فكيف أنكر هذا الإنسان أن يجمع بينه وبين عمله وجزائه وأن يجمع مع بني جنسه ليوم الجمع
95
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 95