نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 65
ثم ذكر الأمر المستدل عليه والمعاد بقوله ( إنه على رجعه لقادر ) أي على رجعه إليه يوم القيامة كما هو قادر على خلقه من ماء هذا شأنه هذا هو الصحيح في معنى الآية وفيها قولان ضعيفان أحدهما قول مجاهد على رد الماء في الإحليل لقادر والثاني قول عكرمة والضحاك على رد الماء في الصلب وفيه قول ثالث قال مقاتل إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا إلى النطفة والقول الصواب هو الأول لوجوه أحدهما أنه هو المعهود من طريقة القرآن من الاستدلال بالمبدأ على المعاد الثاني أن ذلك أدل على المطلوب من القدرة على رد الماء في الإحليل الثالث أنه لم يأت لهذا المعنى في القرآن نظير في موضع واحد ولا أنكره أحد حتى يقيم سبحانه الدليل عليه الرابع أنه قيد الفعل بالظرف وهو قوله ( يوم تبلى السرائر ) وهو يوم القيامة أي أن الله قادر على رجعه إليه حيا في ذلك اليوم الخامس أن الضمير في رجعه هو الضمير في قوله ( فما له من قوة ولا ناصر ) وهذا للانسان قطعا لا للماء السادس أنه لا ذكر للاحليل حتى يتعين كون المرجع إليه فلو قال قائل على رجعه إلى الفرج الذي صب فيه لم يكن فرق بينه وبين هذا القول ولم يكن أولى منه السابع أن رد الماء إلى الإحليل أو الصلب بعد خروجه منه غير معروف ولا هو أمر معتاد جرت به القدرة وإن كان مقدورا للرب تعالى ولكن هو لم يجره ولم تجر به العادة ولا هو مما تكلم الناس فيه نفيا أو إثباتا ومثل هذا لا يقرره الرب ولا يستدل عليه وينبه على منكريه وهو سبحانه إنما يستدل على أمر واقع ولا بد إما قد وقع ووجد أو سيقع فإن قيل فقد قال تعالى ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) أي نجعله كخف البعير قيل هذه أيضا فيها قولان أحدهما هذا والثاني وهو الأرجح أن تسوية بنانه إعادتها كما كانت بعد ما فرقها البلى في التراب الثامن أنه سبحانه دعا الانسان إلى النظر فيما خلق منه ليرده عن تكذيبه بما أخبر به وهو لم يخبره بقدرة خالقه على رد الماء في إحليله بعد مفارقته
65
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 65