نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 62
وتفرده بالإبداء والإعادة المتضمن لتوحيد ربوبيته وتصرفه في المخلوقات بالابداء والإعادة وانقيادها لقدرته فلا يستعصي عليه منها شيء ووصفه بالمغفرة المتضمن لكمال جوده وإحسانه وغناه ورحمته ووصفه بالودود المتضمن لكونه حبيبا إلى عباده محبا لهم ووصفه بأنه ذو العرش الذي لا يقدر قدره سواه وأن عرشه المختص به لا يليق بغيره أن يستوي عليه ووصفه بالمجد المتضمن لسعة العلم والقدرة والملك والغنى والجود والاحسان والكرم وكونه فعالا لما يريد المتضمن لحياته وعلمه وقدرته ومشيئته وحكمته وغير ذلك من أوصاف كماله فهذه السورة كتاب مستقل في أصول الدين تكفي من فهمها فالحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ثم ختمها بذكر فعله وعقوبته بمن أشرك به وكذب رسله تحذيرا لعباده من سلوك سبيلهم وأن من فعل فعلهم فعل به كما فعل بهم ثم أخبر عن أعدائه بأنهم مكذبون بتوحيده ورسالاته مع كونهم في قبضته وهو محيط بهم ولا أسوأ حالا ممن عادى من هو في قبضته ومن هو قادر عليه من كل وجه وبكل اعتبار فقال ( بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط ) فهذا أعجب عجب ممن كفر بمن هو محيط به وآخذ بناصيته قادر عليه ثم وصف كلامه بأنه مجيد وهو أحق بالمجد من كل كلام كما أن المتكلم به له المجد كله فهو المجيد وكلامه مجيد وعرشه مجيد قال ابن عباس رضي الله عنهما قرآن مجيد كريم لأن كلام الرب ليس كما يقول الكافرون شعر وكهانة وسحر وقد تقدم أن المجد السعة وكثرة الخير وكثرة خير القرآن لا يعلمها إلا من تكلم به وقوله ( في لوح محفوظ ) أكثر القراء على الجر صفة للوح وفيه إشارة إلى أن الشياطين لا يمكنهم التنزل به لأن محله محفوظ أن يصلوا إليه وهو في نفسه محفوظ أن يقدر الشيطان على الزيادة فيه والنقصان فوصفه سبحانه بأنه محفوظ في قوله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ووصف محله بالحفظ في هذه السورة فالله سبحانه حفظ محله وحفظه من الزيادة والنقصان والتبديل وحفظ معانيه من التحريف كما حفظ ألفاظه من التبديل وأقام له من يحفظ حروفه من الزيادة والنقصان ومعانيه من التحريف والتغيير .
62
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 62