responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 54


إلى أسفل سافلين واستثناء الذين آمنوا وعملوا الصالحات من هؤلاء المردودين وتأمل حكمة القرآن لما قال ( إن الإنسان لفي خسر ) فإنه ضيق الاستثناء وخصصه فقال ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ولما قال ( ثم رددناه أسفل سافلين ) وسع الاستثناء وعممه فقال ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) ولم يقل وتواصوا فإن التواصي هو أمر الغير بالإيمان والعمل الصالح وهو قدر زائد على مجرد فعله فمن لم يكن كذلك فقد خسر هذا الربح فصار في خسر ولا يلزم أن يكون في أسفل سافلين فإن الانسان قد يقوم بما يجب عليه ولا يأمر غيره فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرتبة زائدة وقد تكون فرضا على الأعيان وقد تكون فرضا على الكفاية وقد تكون مستحبة والتواصي بالحق يدخل فيه الحق الذي يجب والحق الذي يستحب والصبر يدخل فيه الصبر الذي يجب والصبر الذي يستحب فهؤلاء إذا تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر حصل لهم من الربح ما خسره أولئك الذين قاموا بما يجب عليهم في أنفسهم ولم يأمروا غيرهم به وإن كان أولئك لم يكونوا من الذين خسروا أنفسهم وأهليهم فمطلق الخسار شيء والخسار المطلق شيء وهو سبحانه إنما قال ( إن الإنسان لفي خسر ) ومن ربح في سلعة وخسر في غيرها قد يطلق عليه أنه في خسر وأنه ذو خسر كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لقد فرطنا في قراريط كثيرة فهذا نوع تفريط وهو نوع خسر بالنسبة إلى من حصل ربح ذلك ولما قال في سورة والتين ( ثم رددناه أسفل سافلين ) قال ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فقسم الناس إلى هذين القسمين فقط ولما كان الانسان له قوتان قوة العلم وقوة العمل وله حالتان حالة يأتمر فيها بأمر غيره وحالة يأمر فيها غيره استثنى سبحانه من كمل قوته العلمية بالايمان وقوته العملية بالعمل الصالح

54

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست