responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 256


وهو سبحانه قسمه في طوله ثلاثة أقسام وجعل القسم المقدم محل الحفظ التخيل والبطن الأوسط محل التأمل والتفكر والبطن الأخير محل التذكر الاسترجاع لما كان قد نسيه ولكل واحدة من هذه الأمور الثلاثة أمر مهم للإنسان لا بد له منه وأنه محتاج إلى التفهم والتفهيم ولو لم يكن حافظا لمعاني التصورات وصورها بعد غيبتها لكان إذا سمع كلمة وفهمها شذت عنه عند مجيء الأخرى فلم يحصل المقصود من الفهم والافهام فجعل له ربه وفاطره خزانة تحفظ له صور المعلومات حتى تجتمع له وتسمى القوة التي فيها القوة الحافظة ولا تتم مصلحة الإنسان إلا بها فإنه إذا رأى شيئا ثم غاب عنه ثم رآه مرة أخرى عرف أن هذا الذي رآه الآن هو الذي رآه قبل ذلك لأنه في المرة الأولى ثبتت صورته في الحافظة ثم تتوارى عنه بالحجاب فلما رآه مرة ثانية صارت هذه الصورة المحسوسة مطابقة للصورة المعنوية التي في الذهن فحصل الجزم بأن هذا ذاك ولولا القوة الحافظة لما حصل ذلك ولما عرف أحدا أحدا بعد غيبته عنه ولذلك إذا طالت الغيبة جدا وانمحت تلك الصورة الأولى من الذهن بالكلية لم يحصل له العلم بأن هذا هو الذي رآه أولا إلا بعد تفكر وتأمل وقد قال قوم إن محل هذه الصور النفس وقال قوم محلها القلب وقال قوم محلها العقل ولكل فريق منهم حجج وأدلة وكل منهم أدرك شيئا وغاب عنه شيء إذ الإدراك المذكور مفتقر إلى مجموع ذلك لا يتم إلا به والتحقيق أن منشأ ذلك ومبدأه من القلب ونهايته ومستقره في الرأس وهي المسألة التي اختلف فيها الفقهاء هل العقل في القلب أو في الدماغ على قولين حكيا روايتين عن الإمام أحمد والتحقيق أن أصله ومادته من القلب وينتهي إلى الدماغ قال تعالى ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها ) فجعل العقل في القلب كما جعل السمع بالأذن والبصر بالعين وقال تعالى ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) قال غير واحد من السلف لمن كان له عقل واحتج آخرون بأن الرجل يضرب في رأسه فيزول عقله ولولا أن العقل في الرأس لما زال فإن السمع والبصر لا يزولان بضرب اليد أو الرجل ولا غيرهما من الأعضاء لعدم تعلقهما بهما .

256

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست