responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 196


يليها حادة الرؤس ليسهل بها القطع وجعل النواجذ وما يليها من الأضراس مسطحة الرؤس عريضة ليتأتى بها الطحن ونظمها أحسن نظام كاللؤلؤ المنظم في سلك وجعلها من الجانب الأعلى والأسفل ليتأتى بها القطع والطحن وجعلها من الجانب الأيمن والأيسر إذ ربما كلت إحدى الآلتين أو تعطلت أو عرض لها عارض فينتقل إلى الآلة الأخرى وأيضا لو كان العمل على جانب واحد دائما أو شك أن يتعطل ويضعف وتأمل كيف أنبتها سبحانه من نفس اللحم وتخرج من خلاله نابتة كما ينبت الزرع في الأرض ولم يكسها سبحانه لحما كسائر العظام سواها إذ لو كساها اللحم لتعطلت المنفعة المقصودة ولما كانت العظام محتاجة إلى لحم يكسوها ويحفظها ويتلقى عنها الحرارة والبرد ويحفظ عليها رطوبتها لم تكمل مصلحة الحيوان إلا بهذه الكسوة ولما كانت عظام الإنسان محتاجة إلى ذلك من وجه مستغنية عنه من وجه جعلت كسوتها منفصلة عنها وجعلت هي المكتسبة العارية لتمام المنفعة بذلك ولما كانت آلة القطع والكسر والطحن لم تنشأ مع الطفل من أول نشأته كسائر عظامه لعدم الحاجة إليها عطل عنها وقت استغنائه عنها بالرضاع وأعطيها وقت حاجته إليها وفيه حكمة أخرى وهي أنه لو نشأت معه من حين يولد لأضرت بحلمة الثدي إذ لا عقل له يحرزه عن عضها فكانت الأم تمتنع من إرضاعه ومن عجيب أمرها الاتفاق والموالاة التي بينهما وبين المعدة فإنه يسلم إليها إليها الشيء اليابس والصلب فتطحنه ثم تسلمه إلى اللسان فيعجبنه ثم اللسان يسلمه إلى الحلق فيوصله إلى المعدة فتنضجه وتطبخه ثم يرسل إليها منه معلومها المقدر لها فإذا عجزت عن قطع شيء وطحنه عجزت المعدة عن انضاجه وطبخه وإذا كلت الأسنان كلت المعدة وإذا ضعفت ضعفت وهي تصحب الإنسان وتخدمه ما لم يرها فإذا وقعت عينه عليها فارقته الأبد وهي سلاح ومنشار وسكين وروح وزينة وفيها منافع ومصالح غير هذه .

196

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست