responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 187


فلو سألتها من نوعها هذه التنوع ومن فرق أجزاءها هذا التفريق ومن خصص كل قطعة منها بما خصها به ومن ألقى عليها رواسيها وفتح فيها السبل وأخرج منها الماء والمرعى ومن أمسكها عن الزوال ومن بارك فيها وقدر فيها أقواتها وأنشأ منها حيوانها ونباتها ومن وضع فيها معادنها وجواهرها ومنافعها ومن هيأها مسكنا ومستقرا للأنام ومن يبدأ الخلق منها ثم يعيده إليها ثم يخرجه منها ومن جعلها ذلولا غير مستصعبة ولا ممتنعة ومن وطأ مناكبها وذلل مسالكها ووسع مخارجها وشق أنهارها وأنبت أشجارها وأخرج ثمارها ومن صدعها عن النبات وأودع فيها جميع الأقوات ومن بسطها وفرشها ومهدها وذللها وطحاها ودحاها وجعل ما عليها زينة لها ومن الذي يمسكها أن تتحرك فتتزلزل فيسقط ما عليها من بناء ومعلم أو يخسفها بمن عليها فإذا هي تمور ومن الذي أنشأ منها النوع الإنساني الذي هو أبدع المخلوقات وأحسن المصنوعات بل أنشأ منها آدم ونوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وأنشأ منها أولياءه وأحباءه وعباده الصالحين ومن جعلها حافظة لما استودع فيها من المياه والأرزاق والمعادن والحيوان ومن جعل بينها وبين الشمس والقمر هذا القدر من المسافة فلو زادت على ذلك لضعف تأثرها بحرارة الشمس ونور القمر فتعطلت المنفعة الواصلة إلى الحيوان والنبات بسبب ذلك ولو زادت في القرب لاشتدت الحرارة والسخونة كما نشاهده في الصيف فاحترقت أبدان الحيوان والنبات وبالجملة فكانت تفوت هذه الحكمة التي بها انتظام العالم ومن الذي جعل فيها الجنات والحدائق والعيون ومن الذي جعل باطنها بيوتا للأموات وظاهرها بيوتا للأحياء ومن الذي يحييها بعد موتها فينزل عليها الماء من السماء ثم يرسل عليها الريح ويطلع عليها الشمس فتأخذ في الحبل فإذا كان وقت الولادة مخضت للوضع واهتزت وأنبتت من كل زوج بهيج فسبحان من جعل السماء كالأب والأرض كالأم والقطر كالماء الذي ينعقد منه الولد فإذا حصل الحب في الأرض ووقع عليه الماء أثرت نداوة الطين فيه وأعانتها السخونة المختفية في باطن الأرض فوصلت النداوة والحرارة إلى باطن الحبة فاتسعت الحبة وربت وانتفخت وانفلقت عن ساقين ساق من فوقها وهو الشجرة وساق من تحتها وهو العرق ثم عظم ذلك الولد

187

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست