نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 15
الحسن قد أفلح من زكى نفسه وحملها على طاعة الله وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله وقاله قتادة وقال ابن قتيبة يريد أفلح من زكى نفسه أي نماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدقة واصطناع المعروف وقد خاب من دساها أي نقصها وأخفاها بترك عمل البر وركوب المعاصي والفاجر أبدا خفي المكان زمن المروءة غامض الشخص ناكس الرأس فكأن المتصف بارتكاب الفواحش دس نفسه وقمعها ومصطنع المعروف شهر نفسه ورفعها وكانت أجواد العرب تنزل الربى ويفاع الأرض لتشهر أنفسها للمنتفعين وتوقد النيران في الليل للطارقين وكانت اللئام تنزل الأولاج والأطراف والأهضام لتخفى أماكنها على الطالبين فأولئك أعلوا أنفسهم وزكوها وأولئك أخفوا أنفسهم ودسوها وأنشد : وبوأت بيتك في معلم * رحيب المباحات والمسرح كفيت العفاة طلاب القرى * ونبح الكلاب لمستنبح وقال أبو العباس سألت ابن الأعرابي عن قوله ( وقد خاب من دساها ) فقال دسى معناه دس نفسه مع الصالحين وليس منهم وعلى هذا فالمعنى أخفى نفسه في الصالحين يرى الناس أنه منهم وهو منطو على غير ما ينطوي عليه الصالحون وقال طائفة أخرى الضمير يرجع إلى الله سبحانه قال ابن عباس في رواية عطاء قد أفلحت نفس زكاها الله وأصلحها وهذا قول مجاهد وعكرمة والكلبي وسعيد ابن جبير ومقاتل قالوا سعدت نفس وأفلحت نفس أصلحها الله وطهرها ووفقها للطاعة حتى عملت بها وخابت وخسرت نفس أضلها الله وأغواها وأبطلها وأهلكها قال أرباب هذا القول قد أقسم الله بهذه الأشياء التي ذكرها لأنها تدل على وحدانيته وعلى فلاح من طهره وخسارة من خذله حتى لا يظن أحد أنه هو الذي يتولى تطهير نفسه وإهلاكها بالمعصية من غير قدر سابق وقضاء متقدم قالوا وهذا أبلغ في التوحيد الذي سيقت له هذه السورة قالوا ويدل عليه قوله ( فألهمها فجورها وتقواها ) قالوا ويشهد له حديث نافع عن ابن عمر عن
15
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 15