responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 104


فإن قيل كان يمكن هذا بحركة الشمس والأيام التي تحفظ بطلوع الشمس وغروبها كما يعرف أهل الكتابين مواقيت صيامهم وأعيادهم بحساب الشمس قيل هذا وإن كان ممكنا إلا أنه يعسر ضبطه ولا يقف عليه إلا الآحاد من الناس ولا ريب أن معرفة أوائل الشهور وأوساطها وأواخرها بالقمر أمر يشترك فيه الناس وهو أسهل من معرفة ذلك بحساب الشمس وأقل اضطرابا واختلافا ولا يحتاج إلى تكلف حساب وتقليد من لا يعرفه من الناس لمن يعرفه فالحكمة البالغة التي في تقدير السنين والشهور بسير القمر أظهر وأنفع وأصلح وأقل اختلافا من تقديرها بسير الشمس فالرب جل جلاله دبر الأهلة بهذا التدبير العجيب لمنافع خلقه في مصالح دينهم ودنياهم مع ما يتصل به من الاستدلال به على وحدانية الرب وكمال حكمته وعلمه وتدبيره فشهادة الحق بتغير الأجرام الفلكية وقيام أدلة الحدوث والخلق عليها فهي آيات ناطقة بلسان الحال على تكذيب الدهرية وزنادقة الفلاسفة والملاحدة القائلين بأنها أزلية أبدية لا يتطرق إليها التغيير ولا يمكن عدمها فإذا تأمل البصير القمر مثلا وافتقاره إلى محل يقوم به وسيره دائبا لا يفتر مسير مسخر مدبر وهبوطه تارة وارتفاعه تارة وأفوله تارة وظهوره تارة وذهاب نوره شيئا فشيئا ثم عوده إليه كذلك وسبب ضوئه جملة واحدة حتى يعود قطعة مظلمة بالكسوف علم قطعا أنه مخلوق مربوب مسخر تحت أمر خالق قاهر مسخر له كما يشاء وعلم أن الرب سبحانه لم يخلق هذا باطلا وأن هذه الحركة فيه لا بد أن تنتهي إلى الانقطاع والسكون وأن هذا الضوء والنور لا بد أن ينتهي إلى ضده وأن هذا السلطان لا بد أن ينتهي إلى العزل وسيجمع بينهما جامع المتفرقات بعد أن لم يكونا مجتمعين ويذهب بهما حيث شاء ويرى المشركين من عبدتهما حال آلهتهم التي عبدوها من دونه كما يرى عباد الكواكب انتثارها وعباد السماء انفطارها وعباد الشمس تكويرها وعباد لأصنام إهانتها وإلقاءها في النار أحقر شيء وأذله وأصغره كما أرى عباد العجل في الدنيا حاله ومبارد وعباده تسحقه وتمحقه والريح تمزقه وتذروه وتنسفه في اليم وكما أرى الأصنام في الدنيا صورها مكسرة مخردلة ملقاة بالأمكنة القذرة ومعاول الموحدين قد هشمت منها تلك الوجوه وكسرت تلك الرؤوس وقطعت تلك الأيدي والأرجل التي كانت لا يوصل إليها بغير التقبيل والاستلام وهذه

104

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست