نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 74
أحدهما : قوله : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ) ، والمنع يكون من وجهين ، أحدهما : بالقهر والغلبة ، والآخر : الاعتقاد والديانة والحكم ، لأن من اعتقد من جهة الديانة المنع من ذكر الله في المساجد فجائز أن يقال فيه قد منع مسجدا أن يذكر فيه اسمه ، فيكون المنع ههنا معناه الحظر ، كما جائز أن يقال منع الله الكافرين من الكفر والعصاة من المعاصي بأن حظرها عليهم وأوعدهم على فعلها ، فلما كان اللفظ منتظما للأمرين وجب استعماله على الاحتمالين وقوله : ( أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ) يدل على أن على المسلمين إخراجهم منها إذا دخلوها لولا ذلك ما كانوا خائفين بدخولها ، والوجه الثاني : قوله ( وسعى في خرابها ) وذلك يكون أيضا من وجهين ، أحدهما : أن يخربها بيده ، والثاني : اعتقاده وجوب تخريبها ، لأن دياناتهم تقتضي ذلك وتوجبه . ثم عطف عليه قوله : ( أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ) وذلك يدل على منعهم منها على ما بينا . ويدل على مثل دلالة هذه الآية قوله تعالى : ( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ) [ التوبة : 17 ] وعمارتها تكون من وجهين ، أحدهما : بناؤها واصلاحها ، والثاني : حضورها ولزومها ، كما تقول : فلان يعمر مجلس فلان ، يعني يحضره ويلزمه . وقال النبي عليه السلام : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) وذلك لقوله عز وجل ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله ) فجعل حضوره المساجد عمارة لها . وأصحابنا يجيزون لهم دخول المساجد ، وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى . ومما يدل على أنه عام في سائر المساجد وأنه غير مقصور على بيت المقدس خاصة أو المسجد الحرام خاصة ، إطلاقه ذلك في المساجد فلا يخص شئ منه إلا بدلالة . فإن قيل : جائز أن يقال لكل موضع من المسجد مسجد كما يقال لكل موضع من المجلس مجلس ، فيكون الاسم واقعا على جملته تارة وعلى كل موضع سجود فيه أخرى ؟ قيل له : لا تنازع بين أهل اللسان أنه لا يقال للمسجد الواحد مساجد كما لا يقال أنه مسجدان ، وكما لا يقال للدار الواحدة إنها دور ، فثبت أن الإطلاق لا يتناوله وإن سمى موضع السجود مسجدا ، وإنما يقال ذلك مقيدا غير مطلق وحكم الإطلاق فيما يقتضيه ما وصفنا ، وعلى أنك لا تمتنع من إطلاق ذلك في جميع المساجد وإنما تريد تخصيصه ببعضها دون بعض ، وذلك غير مسلم لك بغير دلالة . قوله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) ، روى أبو أشعث السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال : كنا مع
74
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 74