نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 72
المقدس ، وروي عن الحسن : ( بخير منها في الوقت في كثرة الصلاح أو مثلها ) . فحصل من اتفاق الجميع أن المراد ( خير لكم إما في التخفيف أو في المصلحة ) ولم يقل أحد منهم : خير منها في التلاوة إذ غير جائز أن يقال إن بعض القرآن خير من بعض في معنى التلاوة والنظم ، إذ جميعه معجز كلام الله . قال أبو بكر وقد احتج بعض الناس في امتناع جواز نسخ القرآن بالسنة ، لأن السنة على أي حال كانت لا تكون خيرا من القرآن . وهذا إغفال من قائله من وجوه ، أحدها : أنه غير جائز أن يكون المراد : ( بخير منها في التلاوة والنظم ) لاستواء الناسخ والمنسوخ في إعجاز النظم . والآخر اتفاق السلف على أنه لم يرد النظم لأن قولهم فيه على أحد المعنيين إما التخفيف أو المصلحة ، وذلك قد يكون بالسنة كما يكون بالقرآن ولم يقل أحد منهم إنه أراد التلاوة ، فدلالة هذه الآية على جواز نسخ القرآن بالسنة أظهر من دلالتها على امتناع جوازه بها . وأيضا فإن حقيقة ذلك إنما تقتضي نسخ التلاوة ، وليس للحكم في الآية لأنه ، ذكر قال تعالى ( ما ننسخ من آية ) والآية إنما هي اسم للتلاوة ، وليس في نسخ التلاوة ما يوجب نسخ الحكم ، وإذا كان كذلك جاز أن يكون معناه : ( ما ننسخ من تلاوة آية أو ننسها نأت بخير منها لكم من محكم من طريق السنة أو غيرها ) . وقد استقصينا القول في هذه المسألة في أصول الفقه بما فيه كفاية ، فمن أرادها فليطلبها هناك إن شاء الله تعالى . قوله تعالى : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) روى معمر عن قتادة في هذه الآية قال : نسختها ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : 5 ] . وحدثنا أبو محمد جعفر بن محمد الواسطي قال : حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن اليمان قال : قرئ على أبي عبيد وأنا أسمع قال : حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : ( لست عليهم بمصيطر ) [ الغاشية : 22 ] وقوله تعالى : ( وما أنت عليهم بجبار ) [ ق : 45 ] وقوله تعالى : ( فاعف عنهم واصفح ) [ المائدة : 13 ] وقوله تعالى : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) [ الجاثية : 14 ] قال : نسخ هذا كله قوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ للتوبة : 5 ] وقوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون ) [ التوبة : 29 ] الآية ومثله قوله تعالى ( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) وقوله تعالى : ( وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) [ النحل : 125 ] وقوله تعالى : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) [ الفرقان : 63 ] يعني - والله أعلم - متاركة فهذه
72
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 72