نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 601
هي فرض كفاية ، وفرض الجمعة والحج يتعين على كل أحد في نفسه ، فلما لم يلزمه فرض الحج والجمعة مع الإمكان لحق المولى فهو أولى أن لا يكون من أهل الشهادة لحق المولى . ومما يدل على ذلك أيضا قوله تعالى : ( وأقيموا الشهادة لله ) [ الطلاق : 2 ] وقال أيضا : ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) إلى قوله تعالى : ( ولا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) [ النساء : 135 ] فجعل الحاكم شاهدا لله كما جعل سائر الشهود شهداء لله بقوله تعالى : ( وأقيموا الشهادة لله ) [ الطلاق : 2 ] فلما لم يجز أن يكون العبد حاكما ، لم يجز أن يكون شاهدا ، إذ كان كل واحد من الحاكم والشاهد به ينفذ الحكم ويثبت . ومما يدل على بطلان شهادة العبد قوله تعالى : ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ) [ النحل : 75 ] وذلك لأنه معلوم أنه لم يرد به نفي القدرة ، لأن الرق والحرية لا تختلف بهما القدرة ، فدل على أن مراده نفي حكم أقواله وعقوده وتصرفه وملكه ، ألا ترى أنه جعل ذلك مثل للأصنام التي كانت تعبدها العرب على وجه المبالغة في نفي الملك والتصرف وبطلان أحكام أقواله فيما يتعلق بحقوق العباد ؟ وقد روي عن ابن عباس أنه استدل بهذه الآية على أن العبد لا يملك الطلاق ، ولولا احتمال اللفظ لذلك لما تأوله ابن عباس عليه ، فدل ذلك على أن شهادة العبد كلا شهادة كعقده وإقراره وسائر تصرفاته التي هي من جهة القول ، فلما كانت شهادة العبد قوله وجب أن ينتفي وجوب حكمه بظاهر الآية . ومما يدل على بطلان شهادة العبيد أن ثم الشهادة فرض على الكفاية كالجهاد ، فلما لم يكن العبد من أهل الخطاب بالجهاد ، ولو حصره وقاتل لم يسهم له ، وجب أن لا يكون من أهل الخطاب بالشهادة ، ومتى شهد لم تقبل شهادته ولم يكن له حكم الشهود ، كما لم يثبت له حكم وإن شهد القتال في استحقاق السهم ، ويدل عليه أنه لو كان من أهل الشهادة لوجب أن لو شهد بها فحكم بشهادته ثم رجع عنها أنه يلزمه غرم ما شهد به ، لأن ذلك من حكم الشهادة كما أن نفاذ الحكم بها إذا أنفذها الحاكم من حكمها ، فلما لم يجز أن يلزمه الغرم بالرجوع علمنا أنه ليس من أهلها وأن الحكم بشهادته غير جائز . وأيضا فإنا وجدنا ميراث الأنثى على النصف من ميراث الذكر ، وجعلت شهادة امرأتين بشهادة رجل ، فكانت شهادة المرأة نصف شهادة الرجل وميراثها نصف ميراثه ، فوجب أن يكون العبد من حيث لم يكن من أهل الميراث رأسا أن لا يكون من أهل الشهادة ، لأنا وجدنا لنقصان الميراث تأثيرا في نقصان الشهادة ، فوجب أن يكون نفي الميراث موجبا لنفي الشهادة . وما روي عن علي بن أبي طالب في جواز شهادة العبد فإنه لا يصح من طريق النقل ، ولو صح كان مخصوصا في العبد إذا شهد على العبد ، ولا نعلم خلافا بين الفقهاء أن العبد والحر سواء فيما تجوز الشهادة فيه .
601
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 601