responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 6


ورد الأمر بذلك في مواضع من القرآن مصرحا وهو قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك ) فأمر في افتتاح القراءة بالتسمية كما أمر أمام القراءة بتقديم الاستعاذة . وهو إذا كان خبرا فإنه يتضمن معنى الأمر ، لأنه لما كان معلوما أنه خبر من الله بأنه يبدأ باسم الله ففيه أمر لنا بالابتداء به والتبرك بافتتاحه لأنه إنما أخبرنا به لنفعل مثله ، ولا يبعد أن يكون الضمير لهما جميعا ، فيكون الخبر والأمر جميعا مرادين ، لاحتمال اللفظ لهما . فإن قال قائل : لو صرح بذكر الخبر لم يجز أن يريد به المعنيين جميعا من الأمر والخبر ، كذلك يجب أن يكون حكم الضمير في انتفاء إرادة الأمرين ، قيل له : إذا أظهر صيغة الخبر امتنع أن يريدهما لاستحالة كون لفظ واحد أمرا وخبرا في حال واحد ، لأنه متى أراد بالخبر الأمر كان اللفظ مجازا ، وإذا أراد به حقيقة الخبر كان حقيقة ، وغير جائز أن يكون اللفظ الواحد مجازا حقيقة ، لأن الحقيقة هي اللفظ المستعمل في موضعه ، والمجاز ما عدل به عن موضعه إلى غيره ، ويستحيل كونه مستعملا في موضعه ومعدولا ثم به عنه في حال واحد ، فلذلك امتنع إرادة الخبر والأمر بلفظ واحد .
وأما الضمير فغير مذكور ، وإنما هو متعلق بالإرادة . ولا يستحيل إرادتهما معا عند احتمال اللفظ لإضمار كل واحد منهما ، فيكون معناه حينئذ : ابدأ بسم الله على معنى الخبر ، وابدأوا أنتم رسول أيضا به اقتداء بفعلي وتبركا به . غير أن جواز إرادتهما لا يوجب عند الإطلاق إثباتهما ولا إلا بدلالة ، إذ ليس هو عموم لفظ مستعمل على مقتضاه وموجبه ، وإنما الذي يلزم حكم اللفظ إثبات ضمير محتمل لكل واحد من الوجهين ، وتعيينه في أحدهما موقوف على الدلالة . كذلك قولنا في نظائره نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) لأن الحكم لما تعلق بضمير يحتمل رفع الحكم رأسا ويحتمل المأثم لم يمتنع إرادة الأمرين بأن لا يلزمه شئ ، ولا مأثم عليه عند الله لاحتمال اللفظ لهما وجواز إرادتهما ، إلا أنه مع ذلك ليس بعموم لفظ فينتظمهما ، فاحتجنا في إثبات المراد إلى دلالة من غيره ، وليس يمتنع قيام الدلالة على إرادة أحدهما بعينه أو إرادتهما جميعا .
وقد يجئ من الضمير المحتمل لأمرين ما لا يصح إرادتهما معا ، نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنما الأعمال بالنيات ) . معلوم أن حكمه متعلق بضمير يحتمل جواز العمل ويحتمل أفضليته . ( 1 ) فمتى أراد الجواز امتنعت إرادة الأفضلية ، لأن إرادة الجواز تنفي ثبوت حكمه مع عدم النية ، وإرادة الأفضلية تقتضي إثبات حكم شئ منه لا محالة مع إثبات النقصان فيه ونفي الأفضلية ، ويستحيل أن يريد نفي الأصل ونفي الكمال الموجب

6

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست