نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 581
يقتضي نفي اللزوم . فيقال له : معلوم أنه لم يرد سقوط ديونهم ، لأنه لا خلاف أنه متى وجد كان الغرماء أحق بما فضل عن قوته ، وإذا لم ينف بذلك بقاء حقوقهم في ذمته ، فكذلك لا يمنع بقاء لزومهم له ليستوفوا ديونهم مما يكسبه فاضلا عن قوته ، وهذا هو معنى اللزوم ، لأنا لا نختلف في ثبوت حقوقهم فيما يكسبه في المستقبل ، فقد اقتضى ذلك ثبوت حق اللزوم لهم ولم ينتف ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ليس لكم إلا ذلك ) كما لم ينتف بقاء حقوقهم فيما يستفيده . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأخبار التي ذكرنا من إنظار المعسر وما ذكر من ترغيب الطالب في إنظاره ، يدل على جواز التأجيل في الديون الحالة الواجبة عن الغصوب والبيوع . وزعم الشافعي أنه إذا كان حالا في الأصل لا يصح التأجيل به ، وذلك خلاف الآثار التي قدمنا ، لأنها قد اقتضت جواز تأجيله ، وبين ذلك حديث ابن بريدة فيمن أجل قبل أن يحل أو بعد ما حل ، وقد تقدم سنده . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن الشعبي ، عن سمعان ، عن سمرة بن جندب قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ههنا أحد من بني فلان ؟ ) فلم يجبه أحد ، ثم قال : ( ههنا أحد من بني فلان ؟ ) فلم يجبه أحد ، ثم قال : ( ههنا أحد من بني فلان ؟ ) فقام رجل فقال : أنا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما منعك أن تجيبني في المرتين الأوليين ؟ إني لم أنوه بكم إلا خيرا ، إن صاحبكم مأسور بدينه ) فلقد رأيته أدى عنه حتى ما أحد يطالبه بشئ . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثني سليمان بن داود المهري النهدي قال : حدثنا وهب قال : حدثني سعيد بن أبي أيوب ، أنه سمع أبا عبد الله القرشي يقول : سمعت أبا بردة بن أبي موسى الأشعري يقول عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه عبد بعد الكبائر التي نهاه الله عنها : أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء ) وفي هذين الحديثين : دليل على أن المطالبة واللزوم لا يسقطان عن المعسر كما لم تسقط عنه المطالبة بالموت وإن لم يدع له وفاء . فإن قيل : لا يخلوا هذا الرجل المدين إذا مات مفلسا من أن يكون مفرطا في قضاء دينه أو غير مفرط ، فإن كان مفرطا فإنما هو مطالب عند الله بتفريطه كسائر الذنوب التي لم يتب منها ، وإن كان غير مفرط فالله تعالى لا يؤاخذه به لأن الله لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه . قيل له : إنما ذلك فيمن فرط في قضاء دينه ثم لم يتب من تفريطه حتى مات
581
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 581