responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 58


امتنعوا عمن قصدهم بمكروه ، ولاستغنوا عن الطلب لما في أيدي الناس . فإذا لم يكن كذلك وكان المدعون لذلك أسوأ الناس حالا وأكثرهم طمعا واحتيالا وتوصلا لأخذ دراهم الناس وأظهرهم فقرا وإملاقا فقال علمت أنهم لا يقدرون على شئ من ذلك . ورؤساء الحشو والجهال من العامة من أسرع الناس إلى التصديق بدعاوى السحرة والمعزمين وأشدهم نكيرا على من جحدها ، ويروون في ذلك أخبارا مفتعلة متخرصة يعتقدون صحتها ، كالحديث الذي يروون أن امرأة أتت عائشة فقالت : إني ساحرة فهل لي توبة ؟
فقالت : وما سحرك ؟ قالت : سرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل لطلب علم السحر فقالا لي : يا أمة الله لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا ! فأبيت ، فقالا لي :
اذهبي فبولي على ذلك الرماد ! فذهبت لأبول عليه ففكرت في نفسي فقلت لا فعلت !
وجئت إليهما فقلت : قد فعلت ، فقالا : ما رأيت ؟ فقلت : ما رأيت شيئا ، فقالا :
ما فعلت ، اذهبي فبولي عليه ! فذهبت وفعلت فرأيت كأن فارسا قد خرج من فرجي مقنعا بالحديد حتى صعد إلى السماء ، فجئتهما فأخبرتهما فقالا : ذلك إيمانك خرج عنك وقد أحسنت السحر ! فقلت : وما هو ؟ فقالا : لا تريدين شيئا فتصورينه في وهمك إلا كان .
فصورت في نفسي حبا من حنطة ، فإذا أنا بالحب ، فقلت له : أنزرع ! فانزرع وخرج من ساعته سنبلا ، فقلت له : انطحن وانخبز إلى آخر الأمر ! حتى صار خبزا . وإني كنت لا أصور في نفسي شيئا إلا كان . فقالت لها عائشة : ليست لك توبة ! فيروي القصاص والمحدثون الجهال مثل هذا للعامة ، فتصدقه وتستعيده ، وتسأله أن يحدثها بحديث ساحرة ابن هبيرة ، فيقول لها : إن ابن هبيرة أخذ ساحرة فأقرت له بالسحر ، فدعا الفقهاء فسألهم عن حكمها ، فقالوا : القتل ! فقال ابن هبيرة : لست أقتلها إلا تغريقا ! قال : فأخذ رحى البزر فشدها في رجلها وقذفها في الفرات ، فقامت فوق الماء مع الحجر ، فجعلت تنحدر مع الماء ، فخافوا أن تفوتهم ، فقال ابن هبيرة : من يمسكها وله كذا وكذا ؟ فرغب رجل من السحرة كان حاضرا فيما بذله فقال : أعطوني قدح زجاج فيه ماء ! فجاؤوه به ، فقعد على القدح ومضى إلى الحجر فشق الحجر بالقدح فتقطع الحجر قطعة قطعة ، فغرقت الساحرة . فيصدقونه . ومن صدق هذا فليس يعرف النبوة ولا يأمن أن تكون معجزات الأنبياء عليهم السلام من هذا النوع وأنهم كانوا سحرة ، وقال الله تعالى ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) [ طه : 69 ] .
وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم من هذا وأفظع ، وذلك أنهم زعموا أن النبي عليه السلام سحر ، وأن السحر عمل فيه حتى قال فيه : ( إنه يتخيل لي أني أقول الشئ وأفعله ولم أقله ولم أفعله ) وأن امرأة يهودية سحرته في جف طلعة ومشط ومشاقة ، حتى

58

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست