responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 544


فإن قيل : على ما ذكرناه من أن الله لم يبح ترك الصلاة في حال الخوف وأمر بها على الحال التي يمكن فعلها ، ( قد كان النبي صلى الله عليه وسلم ترك أربع صلوات يوم الخندق حتى كان هوى الليل ثم قضاهن على الترتيب ) وفي ذلك دليل على جواز ترك الصلاة في حال الخوف . قيل له : إن الذي اقتضته هذه الآية الأمر بالصلاة في حال الخوف بعد تقديم تأكيد فروضها ، لأنه عطف على قوله تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ثم زادها تأكيدا بقوله تعالى : ( وقوموا لله قانتين ) فأمر فيها بالدوام على الخشوع والسكون والقيام ، وحظر فيها التنقل من حال إلا إلى حال هي الصلاة من الركوع والسجود ، ولو اقتصر على ذلك لكان جائزا أن يظن ظان أن شرط جواز الصلاة فعلها على هذه الأوصاف ، فبين حكم هذه الصلوات المكتوبات في حال الخوف فقال تعالى : ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) فأمر بفعلها في هذه الحال ولم يعذر أحدا من المكلفين في تركها . ولم يذكر حال القتال ، إذ ليس جميع أحوال الخوف هي أحوال القتال ، لأن حضور العدو يوجب الخوف وإن لم يكن قتال قائم ، فإنما أمر بفعلها في هذه الحال ولم يذكر حال القتال ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يصل يوم الخندق لأنه كان مشغولا بالقتال ، والاشتغال بالقتال يمنع الصلاة ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى ) وكذلك يقول أصحابنا إن الاشتغال بالقتال يفسدها .
فإن قيل : ما أنكرت من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يصل يوم الخندق لأنه لم يكن نزلت صلاة الخوف ؟ قيل له : قد ذكر محمد بن إسحاق والواقدي جميعا أن غزوة ذات الرقاع كانت قبل الخندق وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيها صلاة الخوف ، فدل ذلك على أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف إنما كان للقتال ، لأنه يمنع صحتها وينافيها .
ويستدل بهذه الآية من يقول إن الخائف تجوز له الصلاة وهو ماش وإن كان طالبا ، لقوله تعالى : ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) . وليس هذا كذلك ، لأنه ليس في الآية ذكر المشي ، ومع ذلك فالطالب غير خائف ، لأنه إن انصرف لم يخف ، والله سبحانه إنما أباح ذلك للخائف ، وإذا كان مطلوبا فجائز له أن يصلي راكبا وماشيا إذا خاف .
وأما قوله تعالى : ( فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) لما ذكر الله تعالى حال الخوف وأمر بالصلاة على الوجه الممكن من راجل وراكب ثم عطف عليه حال الأمن بقوله تعالى : ( فإذا أمنتم فاذكروا الله ) دل ذلك على أن المراد ما تقدم بيانه في حال الخوف وهو الصلاة ، فاقتضى ذلك إيجاب الذكر في الصلاة ، وهو نظير قوله تعالى : ( فاذكروا الله قياما وقعودا ) [ النساء : 103 ] ونظيره أيضا قوله تعالى :
( وذكر اسم ربه فصلى ) [ الأعلى : 15 ] وقوله تعالى : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان

544

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 544
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست