نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 515
قوله عز وجل : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) قيل فيه : أن أصل العقدة في اللغة هو الشد ، تقول : عقدت الحبل وعقدت العقد ، تشبيها له بعقد الحبل في التوثق ، وقوله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح ) معناه : ولا تعقدوه ولا تعزموا عليه أن تعقدوه في العدة ، وليس المعنى أن لا تعزموا بالضمير على إيقاع العقد بعد انقضاء العدة ، لأنه قد أباح إضمار عقد بعد انقضاء العدة بقوله : ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم ) والإكنان في النفس هو الإضمار فيها ، فعلمنا أن المراد بقوله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح ) ، إنما تضمن النهي عن إيقاع العقد في العدة وعن العزيمة عليه فيها . وقوله تعالى : ( حتى يبلغ الكتاب أجله ) يعني به انقضاء العدة ، وذلك في مفهوم الخطاب غير محتاج إلى بيان ، ألا ترى أن فريعة بنت مالك حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم أجابها بأن قال : ( لا ! حتى يبلغ الكتاب أجله ) فعقلت من مفهوم خطابه انقضاء العدة ولم يحتج إلى بيان من غيره ؟ ولا خلاف بين الفقهاء أن من عقد على امرأة نكاحا وهي في عدة من غيره أن النكاح فاسد . وقد اختلف السلف ومن بعدهم في حكم من تزوج امرأة في عدتها من غيره ، فروى ابن المبارك قال : حدثنا أشعث عن الشعبي عن مسروق قال : ( بلغ عمر أن امرأة من قريش تزوجها رجل من ثقيف في عدتها فأرسل إليهما ففرق بينهما وعاقبهما وقال : لا ينكحها أبدا ، وجعل الصداق في بيت المال ، وفشا ذلك بين الناس فبلغ عليا كرم الله وجهه فقال : رحم الله أمير المؤمنين ! ما بال الصداق وبيت المال ؟ إنهما جهلا فينبغي للإمام أن يردهما إلى السنة . قيل : فما تقول أنت فيها قال : لها الصداق بما استحل من فرجها ويفرق بينهما ولا جلد عليهما وتكمل عدتها من الأول ثم تكمل العدة من الآخر ثم يكون خاطبا . فبلغ ذلك عمر فقال : ( يا أيها الناس ردوا الجهالات إلى السنة ) . وروى ابن أبي زائدة عن أشعث مثله ، وقال فيه : ( فرجع عمر إلى قول علي ) . قال أبو بكر : قد اتفق علي وعمر على قول واحد ، لما روي أن عمر رجع إلى قول علي . واختلف فقهاء الأمصار في ذلك أيضا ، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر : ( يفرق بينهما ولها مهر مثلها ، فإذا انقضت عدتها من الأول تزوجها الآخر إن شاء ) وهو قول الثوري والشافعي . وقال مالك والأوزاعي والليث بن سعد : ( لا تحل له أبدا ) قال مالك والليث : ( ولا بملك اليمين ) . قال أبو بكر : لا خلاف بين من ذكرنا قوله من الفقهاء أن رجلا لو زنى بامرأة جاز له أن يتزوجها ، والزنا أعظم من النكاح في العدة ، فإذا كان الزنا لا يحرمها عليه تحريما مؤبدا فالوطء بشبهة أحرى أن لا يحرمها عليه . وكذلك من تزوج أمة على حرة أو جمع
515
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 515