responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 457


وهذا ممكن أن يكون كما قال ، وأما قوله ( ونسخ عن الثلاثة قروء امرأتان وهي الآيسة والصغيرة ) فإنه أطلق لفظ النسخ في الآية وأراد به التخصيص ، وكثيرا ما يوجد عن ابن عباس وعن غيره من أهل التفسير إطلاق لفظ النسخ ومرادهم التخصيص ، فإنما أراد قتادة بذكر النسخ في الآية التخصيص لا حقيقة النسخ ، لأنه غير جائز ورود النسخ إلا فيما قد استقر حكمه وثبت ، وغير جائز أن تكون الآيسة مرادة بعدة الأقراء مع استحالة وجودها منها ، فدل على أنه أراد التخصيص . وقد يحتمل وجها على بعد عندنا ، وهو أن يكون مذهب قتادة أن التي ارتفع حيضها وإن كانت شابة تسمى آيسة ، وأن عدتها مع ذلك الأقراء وإن طالت المدة فيها ، وقد روي عن عمر أن التي ارتفع حيضها من الآيسات وتكون عدتها عدة الآيسة وإن كانت شابة ، وهو مذهب مالك ، فإن كان إلى هذا ذهب في معنى الآيسة فهذه جائز أن تكون مرادة بالأقراء ، لأنها يرجى وجودها منها . وأما قوله ( ونسخ من الثلاثة قروء الحامل ) فإن هذا أيضا جائز سائغ ، لأنه لا يمتنع ورود العبارة بأن عدة الحامل ثلاث حيض بعد وضع الحمل ، وإن كانت ممن لا تحيض وهي حامل ، فجائز أن يكون عدتها ثلاثة قروء بعد وضع الحمل فنسخ بالحمل ، إلا أن أبي بن كعب قد أخبر أن الحامل لم تكن مرادة بعدة الإقراء ، وأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأخبر بأنه لم تنزل في الحامل والآيسة والصغيرة ، فأنزل الله تعالى ذلك ، وليس يجوز إطلاق النسخ على الحقيقة إلا فيما قد علم ثبوت حكمه وورود الحكم الناسخ له متأخرا عنه ، إلا أن يطلق لفظ النسخ والمراد التخصيص على وجه المجاز فلا يضيق . وأولى الأشياء بنا حمله على وجه التخصيص فيكون قوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ) لم يرد إلا خاصا في المطلقات ذوات الحيض المدخول بهن . وأن الآيسة والصغيرة والحامل لم يردن قط بالآية ، إذ ليس معنا تاريخ لورود هذه الأحكام ولا علم باستقرار حكمها ثم نسخه بعده ، فكأن هذه الآيات وردت معا وترتبت أحكامها على ما اقتضاها من استعمالها وبني العام على الخاص منها . وقد روي عن ابن عباس وجه آخر من النسخ في هذه الآية ، وهو ما روى الحسين بن الحسن بن عطية . عن أبيه عطية ، عن ابن عباس قال :
( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) إلى قوله : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) ( وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته كان أحق بردها وإن طلقها ثلاثا ، فنسختها هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ) [ الطلاق : 4 ] إلى قوله : ( جميلا ) [ الطلاق : 4 ] ) . وعن الضحاك بن مزاحم :
( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) وقال : ( فعدتهن ثلاثة أشهر ، فنسخ ، واستثنى منها فقال : ( إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) [ الأحزاب : 49 ] ) . وروي فيها وجه آخر ، وهو ما روى مالك عن

457

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست