responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 452


لا يؤمن في هذا النهي سواء وهو كقوله تعالى : ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) [ النور : 2 ] وقول مريم : ( إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) [ مريم : 18 ] .
قوله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ) قد تضمن ضروبا من الأحكام ، أحدها : أن ما دون الثلاث لا يرفع الزوجية ولا يبطلها وإخبار ببقاء الزوجية معه ، لأنه سماه بعلا بعد الطلاق ، فدل ذلك على بقاء التوارث وسائر أحكام الزوجية ما دامت معتدة ، ودل على أن له الرجعة ما دامت معتدة ، لأنه قال : ( في ذلك ) يعني فيما تقدم ذكره من الثلاثة قروء . ودل على أن إباحة هذه الرجعة مقصورة على حال إرادة الإصلاح ولم يرد بها الإضرار بها ، وهو كقوله تعالى : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) فإن قيل : فما معنى قوله تعالى : ( أحق بردهن في ذلك ) مع بقاء الزوجية ؟ وإنما يقال ذلك فيما قد زال عنه ملكه ، فأما فيما هو في ملكه فلا يصح أن يقال بردها إلى ملكه مع بقاء ملكه فيها ؟ قيل له : لما كان هناك سبب قد تعلق به زوال النكاح عند انقضاء العدة ، صار إطلاق اسم الرد عليه ويكون ذلك بمعنى المانع من زوال الزوجية بانقضاء العدة ، فسماه ردا إذ كان رافعا لحكم السبب الذي تعلق به زوال الملك ، وهو كقوله تعالى :
( فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ) وهو ممسك لها في هذه الحال لأنها زوجته ، وإنما المراد الرجعة الموجبة لبقاء النكاح بعد انقضاء الحيض التي لو لم تكن الرجعة لكانت مزيلة للنكاح . وهذه الرجعة وإن كانت إباحتها معقودة بشريطة إرادة الإصلاح ، فإنه لا خلاف بين أهل العلم أنه إذا راجعها مضارا في الرجعة مريدا لتطويل العدة عليها إن رجعته صحيحة ، وقد دل على ذلك قوله تعالى : ( فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) ثم عقبه بقوله تعالى : ( ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) فلو لم تكن الرجعة صحيحة إذا وقعت على وجه الضرار لما كان ظالما لنفسه بفعلها .
وقد دلت الآية أيضا على جواز إطلاق لفظ العموم في مسميات ثم يعطف عليه بحكم يختص به بعض ما انتظمه العموم ، فلا يمنع ذلك اعتبار عموم اللفظ فيما يشمله في غير ما خص به المعطوف ، لأن قوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) عام في المطلقة ثلاثا وفيما دونها لا خلاف في ذلك ، ثم قوله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن ) حكم خاص فيمن كان طلاقها دون الثلاث ، ولم يوجب ذلك الاقتصار بحكم قوله تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) على ما دون الثلاث ، ولذلك نظائره كثيرة في القرآن والسنة ، نحو قوله تعالى : ( ووصينا الانسان بوالديه

452

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست