نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 439
يؤلون من نسائهم ) فأخبر أنه سامع لما تكلم به عليم بما أضمره وعزم عليه . ومما يدل على وقوع الفرقة بمضي المدة أن القائلين بالوقف يثبتون هناك معاني أخر غير مذكورة في الآية ، إذ كانت الآية إنما اقتضت أحد شيئين من فئ أو طلاق ، وليس فيها ذكر مطالبة المرأة ولا وقف القاضي الزوج على الفئ أو الطلاق ، فلم يجز لنا أن نلحق بالآية ما ليس فيها ولا أن نزيد فيها ما ليس منها ، وقول مخالفينا يؤدي إلى ذلك ولا يوجب الاقتصار على موجب حكم الآية ، وقولنا يوجب الاقتصار على حكم الآية من غير زيادة فيها ، فكان أولى . ومعلوم أيضا أن الله تعالى إنما حكم في الإيلاء بهذا الحكم لإيصال المرأة إلى حقها من الجماع أو الفرقة ، وهو على معنى قوله تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) [ البقرة : 229 ] وقول من قال بالوقف يقول : إن لم يفئ أمره بالطلاق ، فإذا طلق لم يخل من أن يجعله طلاقا بائنا أو رجعيا ، فإن جعله بائنا فإن صريح الطلاق لا يكون بائنا عند أحد فما دون الثلاث ، جعله رجعيا فلا حظ للمرأة في ذلك لأنه متى شاء راجعها فتكون امرأته كما كانت ، فلا معنى لإلزامه طلاقا لا تملك به المرأة بضعها وتصل به إلى حقها . وأما قول مالك ( إنه لا يصح رجعته حتى يطأها في العدة ) فقول شديد الاختلال من وجوه ، أحدها : أنه قال إذا طلقها طلاقا رجعيا ، والطلاق الرجعي لا تكون الرجعة فيه موقوفة على معنى غيرها . والثاني : أنه إذا منعه الرجعة إلا بعد الوطء فقد نفى أن يكون رجعيا ، وهو لو راجعها لم تكن رجعة . والثالث : أنه محظور عليه الوطء بعد الطلاق عنده ولا تقع الرجعة فيه بنفس الوطء ، فكيف يباح له وطؤها ! وأما قول من قال ( إنه تقع تطليقة رجعية بمضي المدة ) فإنه قول ظاهر الفساد من وجوه ، أحدها : ما قدمنا ذكره في الفصل الذي قبل هذا . والثاني : أن سائر الفرق الحادثة في الأصول بغير تصريح فإنها توجب البينونة ، من ذلك فرقة العنين واختيار الأمة وردة الزوج واختيار الصغيرين ، فلما لم يكن معه تصريح بإيقاع الطلاق وجب أن يكون بائنا . وقد اختلف في إيلاء الذمي ، فقال أصحابنا جميعا : إذا حلف بعتق أو طلاق أن لا يقربها فهو مول ، وإن حلف بصدقة أو حج لم يكن موليا ، وإن حلف بالله كان موليا في قول أبي حنيفة ولم يكن موليا في قول صاحبيه . وقال مالك : ( لا يكون موليا في شئ من ذلك ) . وقال الأوزاعي : ( إيلاء الذمي صحيح ) ولم يفصل بين شئ من ذلك . وقال الشافعي : ( الذمي كالمسلم فيما يلزمه من الإيلاء ) . قال أبو بكر : لما كان معلوما أن الإيلاء إنما يثبت حكمه لما يتعلق بالحنث من الحق الذي يلزمه ، فواجب على هذا أن يصح إيلاء الذمي إذا كان بالعتق والطلاق ، لأن
439
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 439