نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 419
فالآخر حيض ، وإن لم يكن واحد منهما ثلاثا فليس واحد منهما بحيض ) . وقال مالك : ( إذا رأت يوما دما ويوما طهرا أو يومين ثم رأت دما كذلك ، فإنه تلغى أيام الطهر وتضم أيام الدم بعضها إلى بعض ، فإن دام بها ذلك استظهرت بثلاثة أيام على أيام حيضها ، فإن رأت في خلال أيام الاستظهار أيضا طهر ألغاه حتى حصل ثلاثة أيام دم الاستظهار ، وأيام الطهر تصلي وتصوم ويأتيها زوجها ، ويكون ما جمع من أيام الدم بعضه إلى بعض حيضة واحدة ، ولا يعتد بأيام الطهر في عدة من طلاق . فإذا استظهرت بثلاثة أيام بعد أيام حيضها تتوضأ لكل صلاة وتغتسل كل يوم إذا انقطع عنها من أيام الطهر ، وإنما أمرت بالغسل لأنها لا تدري لعل الدم لا يرجع إليها ) . وحكى الربيع عن الشافعي نحو ذلك . قال أبو بكر : معلوم أن الحائض لا ترى الدم أبدا سائلا وكذلك المستحاضة ، إنما تراه في وقت وينقطع في وقت ، ولا خلاف أن انقطاع دمها ساعة ونحوها لا يخرجها من حكم الحيض في وقت رؤية الطهر وانقطاع الدم في مثل هذا الوقت ، وأن ذلك كله كدم متصل كما قالوا جميعا في انقطاعه ساعة ونحوها ، ولأن الطهر الذي بينهما ليس بطهر صحيح عند الجميع ، لأن أحدا لا يجعل الطهر الصحيح يوما ولا يومين ، ولم يقل أحد إن الطهر الذي بين الحيضتين يكون أقل من عشرة أيام على ما بيناه فيما سلف . وأيضا لو كان طهر اليوم واليومين الذي بين الدمين طهرا يوجب الصلاة والصوم ، لوجب أن يكون كل واحد من الدمين حيضة تامة ، فلما اتفق الجميع على أن هذا القدر من الطهر غير معتد به في الفصل بين الدمين وجعل كل واحد منهما حيضة تامة ، وجب أن يسقط حكمه ويصير مع ما قبله وبعده من الدم كدم متصل . وقد اختلف في الصفرة والكدرة في أيام الحيض ، فروي عن أم عطية الأنصارية قالت : ( كنا لا نعتد بالصفرة ولا بالكدرة بعد الغسل شيئا ) . واتفق فقهاء الأمصار على أن الصفرة في أيام الحيض حيض ، منهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك والليث وعبد الله بن الحسن والشافعي . واختلفوا في الكدرة ، فقال جميع من قدمنا ذكرهم : ( إنها حيض في أيام الحيض وإن لم يتقدمها دم ) . وقال أبو يوسف : لا تكون الكدرة حيضا إلا بعد الدم ) . وقد روي عن عائشة وأسماء بنت أبي بكر قالتا : ( لا تصلي الحائض حتى ترى القصة البيضاء ) . ولم يختلفوا في أن الكدرة حيض بعد الدم ، فلما كان وجودها عقيب الدم دليلا على أن الكدرة من اختلاط أجزاء الدم ، وجب أن يكون ذلك حكمها إذا وجدت في أيام الحيض وإن لم يتقدمها دم ، وأن يكون الوقت المعتاد فيه الدم دلالة على أن الكدرة من اختلاط أجزاء الدم بالبياض . والدليل على أن للوقت تأثيرا في ذلك ، أن المرأة ترى الدم في أيام حيضها وبعدها ، فيكون ما رأته في أيامها حيضا وما بعد أيامها
419
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 419