responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 416


بقوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ) إذ كان ظاهره يقتضي القليل والكثير ، لأنه ليس في اللفظ توقيت ، فإذا رأت الدم يوما وليلة فقد تناوله الظاهر . فيقال لهم : إنما يجب أن يثبت ذلك حيضا حتى يعتزلها فيه ، إذ ليس في اللفظ دلالة على كيفية الحيض ولا على معناه وصفته ، فإذا ثبت أنه حيض حينئذ أجري فيه حكم الآية والخبر ، ومتى اختلفوا فيه لم يكن في هذه الآية دليل على معناه ، ودعوى الخصم لا تكون دليلا في المسألة .
فإن قيل : قد بين الشارع علامة دم الحيض وصفته بما يغني عن اعتبار المقدار معه ، بقوله : ( دم الحيض هو الأسود المحتدم ) فمتى وجد الدم بهذه الصفة كان حيضا .
قيل له : لا خلاف أن الدم الذي ليست هذه صفته قد يكون حيضا إذا رأته في أيامها أو رأته وهي مبتدأة ، وقد يوجد على هذه الصفة بعد أيامها أو في أيامها ، فيكون ما في أيامها منه حيضا وما بعد أيامها استحاضة ، فغير جائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جعل وجود هذه الصفة علما للحيض ودليلا عليه وهي توجد مع عدمه وتعدم مع وجوده ، وإنما وجه ذلك عندنا أنه علم ذلك من حال امرأة بعينها وإن حيضها أبدا يكون بهذه الصفة ، فأخبر عن حكمها خاصة دون غيرها ، فلم يجز اعتباره في غيرها .
وقد احتج الفريقان أيضا من مثبتي مقدار أقل الحيض يوما وليلة ومن نافى تقديره بقوله تعالى : ( ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى ) فزعم من أسقط اعتبار المقدار أنه لما وصف الحيض بكونه أذى فحيثما وجد الأذى فهو حيض بغير اعتبار التوقيف ، إذ ليس في الآية ذكر المقدار ، ومن قال باليوم والليلة يقول : إن ظاهره يقتضي وجود الأذى في اليوم والليلة حيضا وفيما دونه ، وخصصنا ما دونه بدلالة ، فبقي حكم اللفظ في اليوم والليلة . فيقال لهم : ينبغي أن يثبت الحيض أولا حتى تثبت هذه الصفة وهي كونه أذى ، لأنه تعالى إنما جعل الحيض أذى ولم يجعل الأذى حيضا ، وقد علمنا أنه ليس كل أذى حيضا وإن كان كل حيض أذى ، كما أنه ليس كل نجاسة حيضا وإن كان كل حيض نجاسة ، فوجب أن يثبت الحيض حتى يكون أذى . وأيضا معلوم أنه لو كان مراده أن يجعل الأذى اسم المحيض أنه لم يرد به أن كل أذى حيض ، لأن سائر ضروب الأذى ليست بحيض ، فيحصل حينئذ المراد أذى منكرا إذ يحتاج في معرفته إلى دلالة من غيره ، حتى إذا حصلت لنا معرفته حكمنا فيه بحكم الحيض . وأيضا فإن الأذى اسم مشترك يقع على أشياء مختلفة المعاني ، وما كان هذا وصفه من الأسماء فليس يجوز أن يكون عموما .
واحتج بعض من جعل أكثر الحيض خمسة عشر يوما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما رأيت

416

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست