نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 414
مضي كل حيضة ، فعلمنا أن المراد بقوله : ( أيام أقرائك ) أيام حيضة . وأيضا قال في حديث الأعمش الذي ذكرنا : ( أيام محيضك ) وفي غيره : ( أيام حيضك ) وقال : ( فلتدع الصلاة الأيام والليالي التي كانت تقعد ) وقال : ( نقصان دينهن تمكث إحداهن الأيام والليالي لا تصلي ) ولم يذكر الإقراء في هذه الأخبار ، وإنما ذكر الحيض ، فوجب بمقتضاها أن يكون الحيض أياما وأن مالا يقع عليه اسم الأيام فليس بحيض ، لأنه صلى الله عليه وسلم قصد إلى بيان حكم جميع النساء في الحيض ، وقد حدث محمد بن شجاع قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير قال : حدثنا إسرائيل ، عن عثمان بن سعيد ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن فاطمة بنت أبي حبيش ، ذكرت قصتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( مري فاطمة فلتمسك كل شهر عدد أيام إقرائها ثم تغتسل ) فأبان في هذا الحديث عن مراده بذكر الإقراء وإنها حيضة في كل شهر ، لأنه قال : ( تمسك كل شهر عدد أيام إقرائها ) وقد أخبر في حديث آخر أن عادة النساء في كل شهر حيضة واحدة بقوله لحمنة : ( تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء في كل شهر ) . فإن قيل : كيف يجوز أن تسمى الحيضة الواحدة إقراء والحيضة الواحدة إنما هي قرء واحد ؟ فينبغي أن تكون الأقراء اسما لجماعة حيض . قيل له : لما كان القرء اسما لدم الحيض جاز أن تسمى الحيضة الواحدة أقراء على أنها عبارة عن أجزاء الدم ، كما يقال : ثوب أخلاق ، يراد به العبارة عن كل قطعة منه ، وقال الشاعر : جاء الشتاء وقميصي أخلاق * شراذم يضحك منه التواق فسمى القميص الواحد أخلاقا ، لأنه أراد العبارة عن كل قطعة منه . كذلك جاز أن تسمى الحيضة الواحدة أقراء عبارة بها عن أجزاء الدم . فإن قيل : إن اسم الأيام قد يقع على يومين ، فيجب أن يجعل أقل الحيض يومين لوقوع الاسم عليها . قيل له : إنما يطلق اسم الأيام عليهما مجازا وحقيقتها ثلاثة فما فوقها ، وحكم اللفظ أن يحمل على حقيقته حتى تقوم الدلالة على جواز صرفه إلى المجاز . ودليل آخر : وهو أن مدة أقل الحيض وأكثره لما لم يكن لنا سبيل إلى إثبات مقدارها من طريق المقاييس ، وكان طريقها التوقيف أو الاتفاق على ما تقدم من بيانه في هذا الباب ، ثم اتفق الجميع على أن الثلاث حيض وكذلك العشر واختلفوا فيما دون الثلاث وفوق العشر ، أثبتنا ما اتفقوا عليه ولم نثبت ما اختلفوا فيه لعدم ما يوجبه من توقيف أو اتفاق . فإن قيل : فقد اتفق الجميع على أن المبتدأة تترك الصلاة في أول ما ترى الدم وإن
414
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 414