نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 411
أبو حنيفة يقول بقول عطاء : ( إن أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر ) . ثم رجع عنه إلى ما ذكرنا . ومما يحتج به للقائلين بأن أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة ، حديث القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة ) فإن صح هذا الحديث فلا معدل عنه لأحد . ويدل عليه أيضا حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي وأنس بن مالك أنهما قالا : ( الحيض ثلاثة أيام ، أربعة أيام ، إلى عشرة أيام ، وما زاد فهو استحاضة ) . ويدل ذلك على ما وصفنا من وجهين ، أحدهما : أن القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض ولم يوجد له منهم مخالف فهو إجماع وحجة على من بعدهم ، وقد روى ما وصفنا عن هذين الصحابيين من غير خلاف ظهر من نظرائهم عليهم ، فثبت حجته ، والثاني : أن هذا الضرب من المقادير التي هي حقوق الله تعالى وعبادات محضة طريق إثباتها التوقيف أو الاتفاق ، مثل إعداد ركعات الصلوات المفروضات وصيام رمضان ومقادير الحدود وفرائض الإبل في الصدقات ، ومثله مقدار مدة الحيض والطهر ، ومنه مقدار المهر الذي هو مشروط في عقد النكاح والقعود قدر التشهد في آخر الصلاة ، فمتى روي عن صحابي فيما كان هذا وصفه قول في تحديد شئ من ذلك وإثبات مقداره فهو عندنا توقيف ، إذ لا سبيل إلى إثباته من طريق المقاييس . فإن قيل : ليس يمتنع أن يكون مقدار الحيض معتبرا بعادات النساء فيجب الرجوع إليها فيه ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش : ( تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء في كل شهر ) فردها إلى العادة وأثبتها ستا أو سبعا . فجائز على هذا أن يكون قول من قال بالعشرة في أكثره وبالثلاث في أقله إنما صدر عن العادة عنده . قيل له : إنما الكلام بيننا وبين مخالفينا في الأقل الذي لا نقص عنه وفي الأكثر الذي لا يزاد عليه ، وقد اتفق الجميع على المذكور من العدد ، وفي قصة حمنة وهو ست أو سبع ، ليس بحد في ذلك ، وأنه لا اعتبار به في إثبات التحديد ، فسقط الاحتجاج به في موضع الخلاف . وقوله لحمنة : ( تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء في كل شهر ) يصلح أن يكون دليلا مبتدأ لصحة قولنا ، من قبل أن قوله : ( كما تحيض النساء في كل شهر ) لما كان مستوعبا لجنس النساء اقتضى أن يكون ذلك حكم جميع النساء ، وذلك ينفي أن يكون حيض امرأة أقل من ذلك ، فلو لا قيام دلالة الاجماع على أن الحيض قد يكون ثلاثا لما جاز لأحد أن يجعل الحيض أقل من ست أو سبع ، فلما حصل الاتفاق على كون الثلاث حيضا خصصناه من عموم الخبر وبقي حكم ما دون الثلاث منفيا بمقتضى الخبر ، ويحتج بمثله في أكثر الحيض . ويدل على ذلك أيضا ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه
411
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 411