نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 40
بعض بالواو غير موجب ترتيب المعنى على ترتيب اللفظ ، وقوله : ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) قد دل على جواز ورود الأمر بذبح البقرة بقرة مجهولة غير معروفة ولا موصوفة ويكون المأمور مخيرا في ذبح أدنى ما يقع الاسم عليه . وقد تنازع معناه الفريقان من نفاة العموم ومن مثبتيه ، واحتج به كل واحد من الفريقين لمذهبه ، فأما القائلون بالعموم فاحتجوا به من جهة وروده مطلقا فكان ذلك أمرا لازما في كل واحد من آحاد ما تناوله العموم ، وأنهم لما تعنتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المراجعة مرة بعد أخرى شدد الله عليهم التكليف وذمهم على مراجعته بقوله : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) . وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفس محمد بيده لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لأجزت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم ) . وروي نحو ذلك عن ابن عباس وعبيدة وأبي العالية والحسن ومجاهد . واحتج من أبي القول بالعموم بأن الله تعالى لم يعنفهم على المراجعة بدأ ، ولو كان قد لزمهم تنفيذ ذلك على ما ادعيتموه من اقتضاء عموم اللفظ لورد النكير في بدء المراجعة ، وهذا ليس بشئ ، لأن النكير ظاهر عليهم في اللفظ من وجهين ، أحدهما : تغليظ المحنة عليهم وهذا ضرب من النكير كما قال الله تعالى ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) [ النساء : 16 ] والثاني : قوله ( وما كادوا يفعلون ) وهذا يدل على أنهم كانوا تاركين للأمر بدا وأنه قد كان عليهم المسارعة إلى فعله . فقد حصلت الآية على معان : أحدها : وجوب اعتبار عموم اللفظ فيما يمكن استعماله . والثاني : أن الأمر على الفور وأن على المأمور المسارعة إلى فعله على حسب الإمكان حتى تقوم الدلالة على جواز التأخير . والثالث : جواز ورود الأمر بشئ مجهول الصفة مع تخيير المأمور في فعل ما يقع الاسم عليه منه . والرابع : وجوب الأمر وأنه لا يصار إلى الندب إلا بدلالة ، إذ لم يلحقهم الذم إلا بترك الأمر المطلق من غير ذكر وعيد .
40
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 40