نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 341
فإن قيل : قوله : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ) معناه : فحلق ففدية من صيام . قيل له : الحلق غير مذكور وإن كان مرادا ، وكذلك اللبس وتغطية الرأس ، كل ذلك غير مذكور وهو مراد ، لأن المعنى فيه استباحة ما يحظره الإحرام للعذر . وكذلك لو لم يكن مريضا وكان به أذى في بدنه يحتاج فيه إلى حلق الشعر كان في حكم الرأس في باب الفدية ، إذ كان المعنى معقولا في الجميع وهو استباحة ما يحظره الإحرام في حال العذر . وأما قوله تعالى : ( ففدية من صيام ) فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صام ثلاثة أيام في حديث كعب بن عجرة ، وهو قول جماعة السلف وفقهاء الأمصار إلا شئ روي عن الحسن وعكرمة أن الصيام عشرة أيام كصيام المتعة . وأما الصدقة فإنه روي في مقدارها عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات مختلفة الظاهر ، فمنها ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب قال : حدثنا سهل بن محمد قال : حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه قال : حدثني عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عبد الله بن مغفل أن كعب بن عجرة حدثه أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرما فقمل رأسه ولحيته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا بحلاق فحلق رأسه وقال : ( هل تجد نسكا ؟ ) قال : ما أقدر عليه ، فأمره أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين صاعا ، وأنزل الله : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) للمسلمين عامة ، ورواه صالح بن أبي مريم عن مجاهد عن كعب بن عجرة بمثل ذلك . وروى داود بن أبي هند عن عامر عن كعب بن عجرة وقال فيه : ( نصدق بثلاثة آصع من تمر بين كل مسكينين صاع ) . وحدثنا عبد الباقي قال : حدثنا عبد الله بن الحسن بن أحمد قال : حدثنا عبد العزيز بن داود قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( أنسك محمد نسيكة أو صم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصع من طعام لستة مساكين ) . فذكر في الخبر الأول ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين ، وفي خبر ستة آصع ، وهذا أولى لأن فيه زيادة . ثم قوله : ( ثلاثة آصع من طعام على ستة مساكين ) ينبغي أن يكون المراد به الحنطة ، لأن هذا ظاهره والمعتاد المتعارف منه ، فيحصل من ذلك أن يكوم من التمر ستة آصع ومن الحنطة ثلاثة آصع وعدد المساكين الذين يتصدق عليهم ستة بلا خلاف . وأما النسك فإن في أخبار كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينسك نسيكة ، وفي بعضها شاة ، ولا خلاف بين الفقهاء أن أدناه شاة وإن شاء جعله بعيرا أو بقرة ، ولا خلاف أنه مخير بين هذه الأشياء الثلاثة يبتدئ بأيها شاء ، وذلك مقتضى الآية وهو قوله : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) وأو للتخيير هذا حقيقتها وبابها ، إلا أن تقوم الدلالة على غير هذا في الإثبات ، وقد بيناه في مواضع .
341
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 341