responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 310


ترى أن قوله تعالى : ( قل هي مواقيت للناس ) عقل من مفهوم خطابه أنها تكون مدة لإجارة جميع الناس ومحلا لجميع ديونهم ، وإن كان واحد منهم لا يحتاج إلى أن يختص لنفسه ببعض الأهلة دون بعض ؟ كذلك مفهوم الآية في العدة قد اقتضى مضي مدة واحدة لرجلين . وقد قوله تعالى : ( قل هي مواقيت للناس ) على أن العدة إذا كان ابتداؤها بالهلال وكانت بالشهور أنه إنما يجب استيفاؤها بالأهلة ثلاثة أشهر إن كانت ثلاثة ، وإن كانت عدة الوفاة فأربعة أشهر بالأهلة وأن لا تعتبر عدد الأيام . وكذلك يدل على أن شهر الصوم معتبر بالهلال في ابتدائه وانتهائه ، وأنه إنما يرجع إلى العدد عند فقد رؤية الهلال .
ويدل أيضا على أن من آلى من امرأته في أول الشهر أن مضي الأربعة الأشهر معتبر بالأهلة في إيقاع الطلاق دون اعتبار الثلاثين ، وكذلك هذا في الإجارات والأيمان وآجال الديون ، متى كان ابتداؤها بالهلال كان جميعها كذلك وسقط اعتبار عدد الثلاثين ، وبذلك حكم النبي صلى الله عليه وسلم : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ) بالرجوع إلى اعتبار العدد عند فقد الرؤية .
وأما قوله تعالى : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) فإنه قد قيل فيه ما حدثنا عبد الله بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال :
أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : ( كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شئ ويتحرجون من ذلك ، وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فيبدو له الحاجة بعدما يخرج من بيته فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء ، فيفتح الجدار من ورائه ثم يقوم على حجرته فيأمر بحاجته فيخرج من بيته ) . وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من الحديبية بالعمرة فدخل حجرته ، فدخل في أثره رجل من الأنصار من بني سلمة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
( إني أحمس ) قال الزهري : وكانت الحمس لا يبالون ذلك - فقال الأنصاري : وأنا أحمس - يقول - وأنا على دينك - فأنزل الله تعالى : ( ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) .
وروى ابن عباس والبراء وقتادة وعطاء : ( أنه كان قوم من الجاهلية إذا أحرموا نقبوا في ظهور بيوتهم نقبا يدخلون منه ويخرجون ، فنهوا عن التدين بذلك وأمروا أن يأتوا البيوت من أبوابها ) . وقيل فيه إنه مثل ضربه الله لهم بأن يأتوا البر من وجهه ، وهو الوجه الذي أمر الله تعالى به . وليس يمتنع أن يكون مراد الله تعالى به جميع ذلك ، فيكون فيه بيان أن إتيان البيوت من ظهورها ليس بقربة إلى الله تعالى ، ولا هو مما شرعه ولا ندب إليه ، ويكون مع ذلك مثلا أرشدنا به إلى أن يأتي الأمور من مأتاها الذي أمر الله تعالى به

310

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست