نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 249
عن عبد الله بن وهب ، عن يحيى بن عبد الله بن سالم ، عن أبي بكر بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : ( تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام وأمر الناس بصيامه ) . وأيضا فإن صوم رمضان فرض يلزم من طريق الدين ، فإذا تعذر وجود الاستفاضة فيه وجب قبول أخبار الآحاد كأخبار الآحاد المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحكام الشرع الذي ليس من شرطه الاستفاضة ، ولذلك قبلوا خبر المرأة والعبد والمحدود في القذف إذا كان عدلا كما يقبل في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما عاضد القياس من الآثار المروية فيه . وأما هلال شوال وذي الحجة فإنهم لم يقبلوا فيه إلا شهادة رجلين عدلين ممن تقبل شهادتهم في الأحكام ، لما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز قال : أخبرنا سعيد بن سليمان قال : حدثنا عباد عن أبي مالك الأشجعي قال : حدثنا حسين بن الحرث الجدلي من جديلة قيس ، أن أمير مكة خطب ثم قال : ( عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك لرؤية الهلال ، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما ) - فسألت الحسين بن الحارث : من أمير مكة ؟ فقال : لا أدري . ثم لقيني بعد ذلك فقال : هو الحرث بن حاطب أخو محمد بن حاطب - ثم قال الأمير : ( إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وأومأ بيده إلى رجل . قال الحسين : فقلت لشيخ إلى جنبي : من هذا الذي أومأ إليه الأمير ؟ قال : عبد الله بن عمر ، وصدق ، كان أعلم بالله منه فقال : ( بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فقوله ( أمرنا أن ننسك لرؤية الهلال ) إنما هو على صلاة العيد والذبح يوم النحر لوقوع اسم النسك عليهما دون صوم رمضان ، لأن الصوم لا يتناوله هذا الاسم مطلقا ، وقد يتناول الصلاة والذبح ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) [ البقرة : 196 ] فجعل النسك غير الصيام ؟ والدليل على أن النسك يقع على صلاة العيد حديث البراء بن عازب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم النحر : ( إن أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح ) ، فسمى الصلاة نسكا وقد . سمى الله الذبح في قوله : ( إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي ) [ الأنعام : 162 ] وفي قوله : ( أو صدقة أو نسك ) [ البقرة : 196 ] فثبت بذلك أن قوله ( عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك بشهادة شاهدي عدل ) قد انتظم صلاة العيد للفطر والذبح يوم النحر ، فوجب أن لا يقبل فيه أقل من شاهدين . ومن جهة أخرى أن الاستظهار بفعل الفرض أولى من الاستظهار بتركه ، فاستظهروا للفطر بشهادة رجلين ، لأن الإمساك فيما لا صوم فيه خير من الأكل في يوم الصوم . فإن قيل : في هذا ترك الاستظهار لأنه جائز أن يكون يوم الفطر وقد شهد به شاهد ،
249
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 249