نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 246
ثلاثين ) هو أصل في اعتبار الشهر ثلاثين ، إلا أن يرى قبل ذلك الهلال ، فإن كل شهر غم علينا هلاله فعلينا أن نعده ثلاثين . هذا في سائر الشهور التي يتعلق بها الأحكام ، وإنما يصير إلى أقل من ثلاثين برؤية الهلال ، ولذلك قال أصحابنا : ( من أجر داره عشرة أشهر وهو في بعض الشهر أنه يكون تسعة أشهر بالأهلة وشهر ثلاثين يوما يكمل الشهر الأول من آخر شهر بمقدار نقصانه ، لأن الشهر الأول ابتداؤه بغير هلال فاستوفى له ثلاثين يوما ، وسائر الشهور بالأهلة فلم يعتبر غيرها ) وقالوا : ( لو أجره في أول الشهر لكانت كلها بالأهلة ) . وقد اختلف في الشهادة على رؤية الهلال ، فقال أصحابنا جميعا : ( تقبل في رؤية هلال رمضان شهادة رجل عدل إذا كان في السماء علة ، وإن لم تكن في السماء علة لم يقبل إلا شهادة الجماعة الكثيرة التي يوجب خبرها العلم ) وقد حكي عن أبي يوسف أنه حد في ذلك خمسين رجلا . وكذلك هلال شوال وذي الحجة إذا لم يكن بالسماء علة ، فإن كان بالسماء علة لم يقبل فيها إلا شهاد عدلين يقبل مثلهما في الحقوق . وقال مالك والثوري والأوزاعي والليث والحسن بن حي وعبيد الله : ( لا يقبل في هلال رمضان وشوال إلا شهادة عدلين ) . وقال المزني عن الشافعي : ( إن شهد على رؤية هلال رمضان عدل واحد رأيت أن أقبله للأثر فيه ، والاحتياط والقياس في ذلك أن لا يقبل إلا شاهدان ، ولا أقبل على رؤية هلال الفطر إلا عدلين ) . قال أبو بكر : إنما اعتبر أصحابنا إذا لم يكن بالسماء علة شهادة الجمع الكثير الذين يقع العلم بخبرهم لأن ذلك فرض قد عمت الحاجة إليه ، والناس مأمورون بطلب الهلال ، فغير جائز أن يطلبه الجمع الكثير ولا علة بالسماء مع توافي هممهم وحرصهم على رؤيته ، ثم يراه النفر اليسير منهم ولا يراه الباقون مع صحة أبصارهم وارتفاع الموانع عنهم ، فإذا أخبر بذلك النفر اليسير منهم دون كافتهم علمنا أنهم غالطون غير مصيبين ، فإما أن يكونوا رأوا خيالا فظنوه هلالا أو تعمدوا الكذب ، إذ جواز ذلك عليهم غير ممتنع ، وهذا أصل صحيح تقتضي العقول بصحته وعليه مبني أمر الشريعة ، والخطأ فيه يعظم ضرره ويتوصل به الملحدون إلى إدخال الشبهة على الأغمار والشحو وعلى من لم يتيقن ما ذكرنا من الأصل ، ولذلك قال أصحابنا : ( ما كان من أحكام الشريعة بالناس حاجة إلى معرفته فسبيل ثبوته الاستفاضة والخبر الموجب للعلم ، وغير جائز إثبات مثله بأخبار الآحاد ، نحو إيجاب الوضوء من مس الذكر ومس المرأة والوضوء مما مست النار والوضوء مع عدم تسمية الله عليه ) فقالوا : لما كانت البلوى عامة من كافة الناس بهذه الأمور ونظائرها ، فغير جائز أن يكون فيه حكم الله تعالى من طريق التوقيف إلا وقد بلغ
246
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 246