responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 224


رمضان ، ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) فيكون هذا حكما ثابتا مستقرا مدة من الزمان ، ثم نزل قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فنسخ به التخيير بين الفدية والصوم على نحو ما ذكرنا في قوله عز وجل : ( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) [ البقرة : 67 ] مؤخرا في اللفظ ، وكان ذلك يعتوره معنيان ، أحدهما أنه وإن كان مؤخرا في التلاوة فهو مقدم في التنزيل ، والثاني : أنه معطوف عليه بالواو وهي لا توجب الترتيب ، فكأن الكل مذكور معا ، فكذلك قوله : ( أياما معدودات ) إلى قوله : ( شهر رمضان ) يحتمل ما احتملته قصة البقرة .
وأما قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ففيه عدة أحكام ، منها : إيجاب الصيام على من شهد الشهر دون من لم يشهد ، فلو كان اقتصر على قوله : ( كتب عليكم ) إلى قوله : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) لاقتضى ذلك لزوم الصوم سائر الناس المكلفين ، فلما عقب ذلك بقوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) بين أن لزوم صوم الشهر مقصور على بعضهم دون بعض وهو من شهد الشهر دون من لم يشهده .
وقوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر ) يعتوره معان ، منها : من كان شاهدا يعني مقيما غير مسافر ، كما يقال للشاهد والغائب المقيم والمسافر ، فكان لزوم الصوم مخصوصا به المقيمون دون المسافرين . ثم لو اقتصر على هذا لكان المفهوم منه الاقتصار بوجوب الصوم عليهم دون المسافرين ، إذ لم يذكروا ، فلا شئ عليهم من صوم ولا قضاء ، فلما قال تعالى : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) بين حكم المريض والمسافر في إيجاب القضاء عليهم إذا أفطروا ، هذا إذا كان التأويل في قوله : ( فمن شهد منكم الشهر ) الإقامة في الحضر . ويحتمل قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) أن يكون بمعنى شاهد الشهر أي علمه ، ويحتمل قوله : ( فمن شهد منكم الشهر ) فمن شهده بالتكليف ، لأن المجنون ومن ليس بأهل التكليف في حكم من ليس بموجود في انتفاء لزوم الفرض عنه ، فأطلق اسم شهود الشهر عليهم وأراد به التكليف ، كما قال تعالى :
( صم بكم عمي ) [ البقرة : 18 ، 171 ] لما كانوا في عدم الانتفاع بما سمعوا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع سماهم بكما عميا ، وكذلك قوله : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) [ ق : 37 ] يعني عقلا ، لأن من لم ينتفع بعقله فكأنه لا قلب له ، إذ كان العقل بالقلب ، فكذلك جائز أن يكون جعل شهود الشهر عبارة عن كونه من أهل التكليف ، إذ كان من ليس من أهل التكليف بمنزلة من ليس بموجود في باب سقوط حكمه عنه .
ومن الأحكام المستفادة بقوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) غير ما قدمنا ذكره

224

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست