نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 166
جميعا . ويدل أيضا على ذلك قوله تعالى : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب فأخبر أنه أوجب القصاص ، لأن فيه حياة لنا . وذلك خطاب شامل للحر والعبد ، لأن صفة أولي الألباب تشملهم جميعا ، فإذا كانت العلة موجودة في الجميع لم يجز الاقتصار بحكمها على بعض من هي موجودة فيه دون غيره . ويدل عليه من جهة السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ) وهو عام في العبيد والأحرار فلا يخص منه شئ إلا بدلالة . ويدل عليه من وجه آخر : وهو اتفاق الجميع على أن العبد إذا كان هو القاتل فهو مراد به ، كذلك إذا كان مقتولا ، لأنه لم يفرق بينه إذا كان قاتلا أو مقتولا . فإن قيل : لما قال في سياق الحديث : ( ويسعى بذمتهم أدناهم ) وهو العبد ، يدل على أنه لم يرده بأول الخطاب ؟ قيل له : هذا غلط من قبل أنه لا خلاف أن العبد إذا كان قاتلا فهو مراد ، ولم يمنع قوله : ( ويسعى بذمتهم أدناهم ) أن يكون مرادا إذا كان قاتلا ، كذلك لا يمنع إرادته إذا كان مقتولا ، على أن قوله : ( ويسعى بذمتهم أدناهم ) ليس فيه تخصيص العبد من غيره ، وإنما المراد أدناهم عددا ، هو كقوله : واحد منهم ، فلا تعلق لذلك في إيجاب اقتصار حكم أول اللفظ على الحر دون العبد . وعلى أنه لو قال : ويسعى بذمتهم عبدهم ، لم يوجب تخصيص حكمه في مكافأة دمه لدم الحر ، لأن ذلك حكم آخر استأنف له ذكرا وخص به العبد ليدل على أن غير العبد أولى بالسعي بذمتهم . فإذا كان تخصيص العبد بالذكر في هذا الحكم لم يوجب أن يكون مخصوصا به دون الآخر ، فلأن لا يوجب تخصيص حكم القصاص أولى . فإن قيل : قوله : ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ) يقتضي التماثل في الدماء ، وليس العبد مثلا للحر . قيل له : فقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم مثلا له في الدم إذ علق حكم التكافؤ منهم بالإسلام ، ومن قال ليس بمكاف له فهو خارج على حكم النبي عليه السلام مخالف بغير دلالة . ويدل عليه أيضا ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا معاذ بن المثنى قال : حدثنا محمد بن كثير قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وإني رسول الله إلا في إحدى ثلاث : التارك للإسلام المفارق للجماعة ، والثيب الزاني والنفس بالنفس ) فلم يفرق بين الحر والعبد وأوجب القصاص في النفس بالنفس . وذلك موافق لما حكى الله مما كتبه على بني إسرائيل فحوى هذا الخبر معنيين ، أحدهما : أن ما كان على بني إسرائيل من ذلك فحكمه باق علينا ، والثاني : أنه مكتف بنفسه في إيجاب القصاص عاما في سائر النفوس . ويدل عليه أيضا من جهة السنة ، ما حدثنا عبد الباقي بن
166
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 166