responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 124


تعالى أن الناس يلعنونه ، وليس كذلك ، بل هو إخبار باستحقاقه اللعن من الناس لعنوه أو لم يلعنوه .
قوله تعالى : ( وإلهكم إله واحد ) وصفه تعالى لنفسه بأنه واحد انتظم معاني كلها مرادة بهذا اللفظ ، منها : أنه واحد لا نظير له ولا شبيه ولا مثل ولا مساوي في شئ من الأشياء فاستحق من أجل ذلك أن يوصف بأنه واحد دون غيره . ومنها : أنه واحد في استحقاق العبادة والوصف له بالألوهية لا يشاركه فيها سواه . ومنها : أنه واحد ليس بذي أبعاض ولا يجوز عليه التجزي والتقسيم ، لأن من كان ذا أبعاض وجاز عليه التجزي والتقسيم فليس بواحد على الحقيقة . ومنها : أنه واحد في الوجود قديما لم يزل منفردا بالقدم لم يكن معه وجود سواه ، فانتظم وصفه لنفسه بأنه واحد هذه المعاني كلها .
قوله تعالى : ( وإن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ) الآية . قد انتظمت هذه الآية ضروبا من الدلالات على توحيد الله تعالى وأنه لا شبيه له ولا نظير ، وفيها أمر لنا بالاستدلال بها وهو قوله : ( لآيات لقوم يعقلون ) يعني والله تعالى أعلم : أنه نصبها ليستدل بها ويتوصل بها إلى معرفة الله تعالى وتوحيده ونفي الأشباه عنه والأمثال .
وفيه إبطال لقول من زعم أنه إنما يعرف الله تعالى بالخبر وأنه لا حظ للعقول في الوصول إلى معرفة الله تعالى .
فأما دلالة السماوات والأرض على الله ، فهو قيام السماء فوقنا على غير عمد مع عظمها ساكنة غير زائلة . وكذلك الأرض تحتنا مع عظمها ، فقد علمنا أن لكل واحد منهما منتهى من حيث كان حيث كان موجودا في وقت واحد محتملا للزيادة والنقصان ، وعلمنا أنه لو اجتمع الخلق على إقامة حجر في الهواء من غير علاقة ولا عمد لما قدروا عليه ، فعلمنا أن مقيما أقام السماء على غير عمد والأرض على غير قرار ، فدل ذلك على وجود الباري تعالى الخالق لهما ، ودل أيضا على أنه لا يشبه الأجسام وأنه قادر لا يعجزه شئ ، إذ كانت الأجسام لا تقدر على مثل ذلك . وإذا صح ذلك ثبت أنه قادر على اختراع الأجسام ، إذ ليس اختراع الأجسام واختراع الأجرام بأبعد في العقول والأوهام من إقامتها مع عظمها وكثافتها على غير قرار وعمد . ومن جهة أخرى تدل على حدوث هذه الأجسام وهي امتناع جواز تعريها من الأعراض المتضادة ، ومعلوم أن هذه الأعراض محدثة لوجود كل واحد منها بعد أن لم يكن ، وما لم يوجد قبل المحدث فهو محدث ، فصح بذلك حدوث هذه الأجسام ، والمحدث يقتضي محدثا كاقتضاء البناء للباني والكتابة للكاتب والتأثر للمؤثر ، فثبت بذلك أن السماوات والأرض وما بينهما من آيات الله دالة عليه .
وأما دلالة اختلاف الليل والنهار على الله تعالى ، فمن جهة أن كل واحد منهما

124

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست