responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 563


بإجماع المسلمين لمن احتاج ولم يخف الموت إذا لم يكن عنده شئ فوجب أن يكون المبيح لها الفقر . وأيضا لما كانت هذه الأخبار مختلفا في استعمال حكمها وهي في نفسها مختلفة ، واتفق الجميع على استعمال الخبر الذي روينا في مائتي درهم وتحريم الصدقة معها ، وجب أن يكون ثابت الحكم ، وما عداه إما أن يكون على وجه الكراهة للمسألة أو منسوخة بخبرنا إن كان المراد بها تحريم الصدقة .
باب الربا قال الله تعال : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) إلى قوله : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) وقال أبو بكر : أصل الربا في اللغة هو الزيادة ، ومنه الرابية لزيادتها على ما حواليها من الأرض ، ومنه الربوة من الأرض وهي المرتفعة ، ومنه قولهم ( أربى فلان على فلان في القول أو الفعل ) إذا زاد عليه . وهو في الشرع يقع على معان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة ، ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى النساء ربا في حديث أسامة بن زيد ، فقال : ( إنما الربا في النسيئة ) . وقال عمر بن الخطاب : ( إن من الربا أبوابا لا تخفى منها السلم في السن ) يعني الحيوان : وقال عمر أيضا : ( إن آية الربا من آخر ما نزل من القرآن ) وإن النبي صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يبينه لنا ، فدعوا الربا والريبة ) ، فثبت بذلك أن الربا قد صار اسما شرعيا : لأنه لو كان باقيا على حكمه في أصل اللغة لما خفي على عمر ، لأنه كان عالما بأسماء اللغة لأنه من أهلها .
ويدل عليه أن العرب لم تكن تعرف بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نساء ربا وهو ربا في الشرع ، وإذا كان ذلك على ما وصفنا صار بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة إلى البيان ، وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة ، نحو الصلاة والصوم والزكاة ، فهو مفتقر إلى البيان ، ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شئ من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك . وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من مراد الله بالآية نصا وتوفيقا ، ومنه ما بينه دليلا ، فلم يخل مراد الله من أن يكون معلوما عند أهل العلم بالتوقيف والاستدلال .
والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض والدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به ، ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد وإذا كان متفاضلا من جنس واحد . هذا كان المتعارف المشهور بينهم ، ولذلك قال الله تعالى :
( وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله ) [ الروم : 39 ] فأخبر أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين لأنه لا عوض لها من جهة المقرض .

563

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست